ماذا إذا طرأ تغيّر على قناة بنما؟
سعد أبريك السنوسي
تعد قناة بنما التي تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي من أعظم الإنجازات الهندسية في العالم، والتي أودت بحياة ما يقارب 22 ألف عامل خلال ثلاث سنوات حتى العام 1883م، تحت إشراف الدولة الفرنسية وذلك بسبب تفشي الأمراض والانهيارات الأرضية بهذه القناة، ثم وقعت معاهدة فيما بعد بين فرنسا وأمريكا بأن تستكمل الأخيرة بناء القناة، وبالفعل افتتحت القناة في العام 1914م بعدما أودت بحياة ما يقارب من 5600 عامل هذه المرة تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرت سيطرة أمريكا على القناة إلى العام 1999م، حسب الاتفاقية الموقعة بين جمهورية بنما والولايات المتحدة الأمريكية، أي بعد 85 عاما من افتتاح القناة، وأهم ما قامت به جمهورية بنما بعد سيطرتها على القناة هي توسعتها بتكلفة وصلت إلى ما يزيد بقليل على خمسة مليارات دولار بنهاية العام 2016م، ويعتمد اقتصاد بنما بشكل أساسي على قطاع الخدمات حيث تمثل حوالي 80 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ولعل أهم هذه الخدمات هي دخل القناة التي يمر عبرها ما يقارب أربعة عشر ألف سفينة سنوياً، وأي تغير سيطرأ على قناة بنما يؤدي إلى تغيير اتجاه السفن إلى قناة السويس، وهذا بدوره سيزيد عدد السفن المارة بالبحر المتوسط، ولكن هل سيكون للموانئ الليبية نصيب من هذه السفن في ظل ما تشهده موانئ البحر المتوسط من تطور وتوسعات وإقامة أرصفة، بل وإقامة موانئ جديدة كميناء أبو قير بالإسكندرية الذي يستهدف ما يقارب مليوني حاوية سنوياً، ناهيك عن البنية الأساسية ولا سيما شبكة الطرق، فالموانئ البحرية اليوم تلعب دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية وزيادة الدخل، فعدد الموانئ ومدى كفاءتها وحجم الصادرات والواردات بها والخدمات الفنية والنظم اللوجستية والبنية الأساسية أصبحت تمثل أهم المؤشرات للحكم على مدى قدرة وازدهار الدول ومواجهة المنافسة العالمية.
وبالنظر إلى الموانئ الليبية نجدها تفتقر لأبسط المعدات والآلات الخاصة بعمليات الشحن والتفريغ ناهيك عن التداخل في الاختصاصات، والأهم من ذلك الغاطس الذي لا يتعدى 12 مترا في أغلب الموانئ الليبية، والذي لا يسمح باستقبال سفن الحاويات حتى من الجيل الثالث، في حين أن موانئ البحر المتوسط تستقبل سفن الحاويات من الجيل الخامس وحتى الجيل السادس، كميناء طنجة المغربي الذي تداول سبعة ملايين حاوية العام الماضي، وميناء فلنسيا الإسباني وميناء بيريوس اليوناني وميناء الجزيرة الخضراء وبرشلونة بإسبانيا وغيرها…. وللحديث بقية.