سطوة النرجسية على مفاعيل الإبداع! “الجزء الأول”
محمد عبد القادر
لنعرف النرجسية ابتداءً، يصف قاموس كولينز باللغة الإنجليزية النرجسية بأنها “اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها، خاصة المظهر الجسدي للذات”.
إنه الإفراط في حب الذات، والاهتمام بالمظهر الخارجي وراحة الذات وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته.
أبعاد دينية وتاريخية لمصطلح النر جسية:
فالنرجسية مرض نفسي معروف منذ القدم ويتم تداوله بالرجوع إلى الأسطورة التي تحكى عنها أصل التسمية نفسها، فتعود إلى التذكير بأن كلمة النرجسية مأخوذة من قصة نرسيس، ومعادلها العربي نرجس، الذي حكمت عليه الآلهة في الميثولوجيا اليونانية، بالوقوع إلى الأبد في حب صورته المنعكسة على سطح بحيرة جبلية. وكان ذلك عقاباً له على رفضه حب إيكو، حورية الجبل الشابة إلى أن تحول زهرة سميت زهرة النرجس.
يمكننا القول إن النرجسية هي أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في الوسط الثقافي والفني والأكاديمي والعلمي، حيث يؤكد الشاعر اللبناني شوقي بزيع في قراءته لكتاب “تعرية النرجسي” لمؤلفته “ويندي بيهاري” على ما يلي: أعترف بداية أن ما دفعني لقراءة هذا الكتاب هو عنوانه المميز الذي ينتزع جاذبيته من تصديه لواحد من أكثر أمراض العصر شيوعاً، وبخاصة في عالم الكتّاب والفنانين، الذين تتحول النرجسية إلى معادل موضوعي لعملية الخلق والإبداع”.
وما رغبة كثيرٍ من غير المقتدرين إلى الولوج إلى هذه الأوساط والفضاءات والتشبث بأن يكونوا ضمن هذه الفعاليات إلا تعبير عن تلبُّس حالة النرجسية عندهم، وهي التي تمدهم بالإحساسات الطاغية بحثاً عن الشهرة وحب الظهور أكثر من الشعور بقدرتهم على الإبداع من أجل تحقيق الذات ضمن المجموع المجتمعي أو الإنساني والتفاعل ضمنه والتعبير من خلال الحياة التي يعيشها منفعلاً ومتفاعلاً خصوصاً في الحال العربي والليبي ومصداق هذا في هذا الاقتباس “يا نواخذ أخذوني معاكم”.
ومن المؤسف حقاً أن تلك الظاهرة تنشط في عالمنا العربي في مجال التخصصات الإنسانية والأدب والثقافة والفن، ظناً من المتطفلين أن “النواخذ” في تلك المجالات لن يفلحوا في كشف هوية العاشق الولهان، وفي الوقت الذي لا تخلو فيه مجالات أخرى كالتخصصات العلمية الدقيقة من المتطفلين، إلا أن ذلك التطفل محدود التأثير ويجد من يحاربه على كل حال.
مقال “يا نواخذ أخذوني معاكم”.. بقلم: حمد البوعينين، نشر في 10 ديسمبر 2020 في جريدة الشرق، موقع إخباري قطري، ونجده أيضاً في القصص التي يرويها كثير من المتعاملين مع النرجسيين في المواقع المختلفة من الحياة.
يقول تينيسون لي، وهو مستشار بريطاني متخصص في اضطراب الشخصية النرجسية، إن هناك تسعة معايير تشخيصية للمرض على النحو المنصوص عليه في دليل التشخيص والإحصاء في جميع أنحاء العالم.
والمعايير هي:
أن يكون لديه شعور مبالغ فيه بأهمية ذاته.
أن تكون لديه أوهام النجاح والقوة.
الإعجاب المفرط، الذي يجعله يؤمن بأنه فريد من نوعه.
كأنما العالم مرآتُهُ فلا يرى فيها سوى شخصهِ
الإعجاب المفرط، الذي يجعله يؤمن بأنه فريد من نوعه.
الشعور بالاستحقاق.
أن يكون استغلالياً ويحسد الآخرين ولا يتعاطف معهم.
أن تدل مواقفه على التكبر والعجرفة.
ويقول لي: “تُصنف حالة الشخص على أنها اضطراب، عندما يسبب اهتمامه المفرط، نوعاً من المعاناة أو المصاعب للمحيطين به”.
مقال بعنوان: ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
المصدر موقع BBC News، عربي الإخبارية الموافق 30 أغسطس/ آب 2019.