مقالات الرأي

الأضحى رسالة ومضامين

ناصر سعيد

كانت نصوص شريعة حمورابي ومعابد الإله ومذبح ومطاف تدمر وفي الصين والإنكا وغيرها تقدم الناس ضحايا بشرية كقرابين للآلهة المزعومة.. سيدنا إبراهيم كان يشاهد كيف يذبح البشر للآلهة المزيفة تاريخيا، رفض إيمانه هذا السلوك، وكان يراه يتعارض مع شرع الله الذي حرم قتل النفس البشرية إلا بالحق.
يأتي عيد الأضحى المبارك في يوم العاشر من ذي الحجة من كل عام، ويأتي قبله يومُ عرفة، حيث يقف فيه المسلمون على جبل عرفات ليؤدوا بذلك الرُّكن الأساسي في الحج، ويَحتفلون في اليوم الذي يَليه بعيدِ الأضحى المبارك، حيث تَستمر مناسك الحج حتى يوم الثاني عشر من ذي الحجة، تجتمع في عيد الأضحى المبارك عدد من الأعمال الدينية غير مناسك الحج، حيث يُقدم المسلمون الأضاحي من الأنعام، ويُوزعون لُحومها على الفقراء والمحتاجين، ولِهذا سُمي هذا العيد بعيد الأضحى، وفيه إحياءٌ لسنة إبراهيم عليه السلام، بعد أنْ ذَبح الكبش الذي افتدى الله سبحانه وتعالى به سيدنا إسماعيل، وهنا نجد أن الله سبحانه قد قطع شك إبراهيم عندما قال له “قد صدَّقت الرؤيا” أي إنك صدَّقتَ حلمك، وهذا ما يوضح قطعيًا أنه ليس أمرا من الله، ولكن إبراهيم الذي كان يرى الناس تذبح أبناءها قربانًا للآلهة فاعتقد أن عليه أن يفعل ذلك لإلهه، فهو رب العالمين، وهو الذي يستحق القرابين، ففدى الله ابنه بذِبح عظيم، وذلك لإنهاء عهد القرابين البشرية الذي كان متبعًا في حينه.
تماشيا مع شرع الله في تحريم القرابين وقتل النفس البشرية وإن رب العالمين لا يريد ضحايا بشرية.. ومن هنا جاءت نعمة الأضاحي ببهيمة الأنعام.
ولكن.. هل عدنا إلى عهد القرابين؟!!
اليوم المسلمون يتعرضون للذبح وتقطيع الأوصال باسم الله وما يسمى دولة الخلافة، فتنتهج كل التنظيمات الإرهابية التي ولدت من رحم الإخوان بدءاً من القاعدة والمقاتلة وداعش إلى أنصار الشريعة.. الخ، وبفعل شياطين الفتاوى شيوخ الضلال وتحليل المحرم تقوم التنظيمات الإرهابية بسفك دماء المسلمين في كل مكان جاء إليه دعاة الفتنة ما يسمونه الحكم باسم الله والدولة الإسلامية.
عيد الأضحى المبارك كان رسالة إلهية بتحريم القتل الذي عاد إلينا في السنوات الأخيرة واشتد بعد أن تمكن الإخوان من السلطة في ليبيا وتونس وسيطرة تنظيماتهم الإرهابية على سوريا والعراق فدفعوا بأرواحنا قرابين، وأرزاقنا غنائم.
مهما كانت النفس حزينةً سيظل العيد فرصةً لسمو النفس والروح، وفسحةً طيبةً يفرح بها القلب؛ لأن عيد الأضحى المبارك هو عيد غُفرانِ الذنوب، والعودةِ إلى الله تعالى، عيد للفرح، فيه يتجدد العزم والإرادة لتحقيق الأفضل.
في هذه المناسبة الدينية والاجتماعية ندعو الله أن ينزل رحمته على الجميع وأن يهدي النفوس، وأتمنى أن يضحي الجميع بأوجاعهم الشخصية من أجل أوجاع الوطن.

Back to top button