إحاطة باتيلي.. إقرار بالفشل أم تمهيد لجولة حوار جديدة ؟ تقرير مكرر خيب الآمال.. وتمهيد للدخول في جولة جديدة من العبث
متابعات – الموقف الليبي
لا تزال البعثة الأممية، تعمل على إدارة الأزمة الليبية وليس حلها، عبر تحركات سياسية لا تتوافق مع المعايير المطلوبة، فضلاً عن قيامها بإجبار مجلسي النواب والدولة، على تشكيل لجنة 6+6، ترفض ضمنًا مخرجات عمل اللجنة، خلال اجتماعاتها في مدينة “بوزنيقة” المغربية، كما اتضح من إحاطة “باتيلي” أمام مجلس الأمن.
عقد مجلس الأمن، الإثنين الماضي، جلسة استماع للمبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي لمتابعة الأوضاع في البلاد، ومع اعتبار الدول الأعضاء إجراء الانتخابات في ليبيا أمرا ضروريا لتحقيق الاستقرار في البلاد، فإن المراقبين يرون ذلك مجرد شعارات ولا توجد نية حقيقية لإجرائها.
وأشار المبعوث الأممي لدى ليبيا في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي إلى 4 مسائل خلافية على الأقل في نتائج مشاورات لجنة 6+6 بشأن قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهي معايير الترشح للرئاسة والجولة الانتخابية الرئاسية الثانية واشتراط إلغاء الانتخابات البرلمانية حال فشل الرئاسية، وتشكيل حكومة جديدة، مضيفًا إن هناك خلافات كثيرة تعصف بوجه العملية الانتخابية في البلاد، مشددًا على وجود نقاط تتطلب التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف السياسية الرئيسة.
وأشار “باتيلي” خلال إحاطته إلى أن قانون الانتخابات الذي اقترحته لجنة 6+6 المشكلة من البرلمان ومجلس الدولة، يعتبر خطوة هامة، ولكنها غير كافية لتسوية كافة المشاكل العالقة في طريق الانتخابات، مشددًا على أن تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على العملية الانتخابية المفترضة، مسألة خلافية تتطلب اتفاقا سياسيا جديدا بين الأطراف الليبية، وهو الأمر الذي يستحيل تحقيقه في الظروف الحالية، وفي ظل دعم بعض النافذين في المجتمع الدولي لحكومة الدبيبة.
وتابع المبعوث الأممي لدى ليبيا قائلًا: “إن معيار الأهلية للانتخابات الرئاسية وإجراء جولة ثانية منها، وموضوع تشكيل حكومة موحدة، كلها مواضيع خلافية تتطلب اتفاقا سياسيا بين ممثلي الطيف السياسي في البلاد، مشيرا إلى أنه من دون التوصل إلى توافق تام، ستواجه العملية الانتخابية حائطا مسدودا مثل انتخابات 2021، وسيؤدي ذلك إلى أزمة جديدة، داعيًا مجلس الأمن إلى مزيد من الضغط على الأطراف السياسية المعنية من أجل تخطي هذه الخلافات لإيصال البلد إلى الانتخابات، وطلب من قادة ليبيا العمل على إعلاء مصالح الليبيين، متغافلًا عن أن إلغاء انتخابات 2021 لم يكن بسبب خلاف على قانون الانتخابات، بل بسبب ما اصطلح على تسميته بـ”القوة القاهرة”.
ويرى مراقبون أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برئاسة “عبد الله باتيلي” لم تجد الحلول لحسم الملفات العالقة (قوانين الانتخابات، وتحديد موعدها)، بل تعمل على إطالة أمد الصراع في البلاد، من واقع محاولات “الهيمنة” على صناعة القرار، وتوجيه العملية السياسية في مسار لا يخدم البلاد، وشعبها!
ويرفض كثيرون أي تشريعات أو قوانين انتخابية يتم وضعها لإقصاء قوى وطنية ليبية من الترشح في الانتخابات، وتداخل البعثة وعواصم إقليمية ودولية في القوانين والقرارات الصادرة عن مجلس النواب، كتلك المتعلقة بإقالة محافظ المصرف المركزي، وكذلك اتفاق مجلسي النواب والدولة على تغيير شاغلي المناصب السيادية.
إلى ذلك حذرت قوى سياسية من المساعي الأمريكية ورغبة واشنطن في السيطرة على اللجنة التي تسعى لتشكيلها، وهو ما يعني تحكمها في خارطة الطريق السياسية، لخدمة المصالح الأمريكية في ليبيا، خاصة بعد التحركات التي يقوم بها الجانب الأمريكي في ليبيا، لاسيما التواصل مع أعضاء فيما يسمى “ملتقى الحوار السياسي” سيئ السمعة.
من جانبه، أكد رئيس لجنة العقوبات بمجلس الأمن “كيمي اشيكاني” ضرورة إجراء انتخابات قبل نهاية 2023 داعيا إلى سرعة اعتماد القوانين الانتخابية التي توصل إليها مجلسا النواب والدولة بسرعة.
وفي محاولة إنشائية للتغطية على النوايا الحقيقية حث الممثل الأمريكي بمجلس الأمن “جيفري ديلورينتيس” الأطراف الرئيسة في ليبيا على تنفيذ مطالب الشعب المتمثلة في إجراء الانتخابات بأسرع وقت، مجددًا تشجيع بلاده لجهود اللجنة العسكرية 5+5 في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وترحيل جميع المرتزقة والأجانب من البلاد.
إلى ذلك، اعتبر ممثل روسيا “فاسيلي نيبنزيا” في كلمته أمام مجلس الأمن أن مشاورات لجنة 6+6 الأخيرة خطوة مشجعة للذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في القريب العاجل، داعيًا إلى إجراء انتخابات شفافة دون إقصاء أي طرف بما في ذلك ممثلو الحكومات السابقة.
وكشف رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، عن “عدم عرض اتفاق مكتوب من اللجنة على مجلس النواب، وأن المطروح، مجرد، مسودة، كان عليها ملاحظات، خاصة وجود مرحلة ثانية- جولة إعادة- للانتخابات الرئاسية، وضرورة عدم إبعاد أو تهميش أي مكون سياسي- وطني، وأن يكون صندوق الانتخاب هو الفيصل بين الليبيين، خاصة أن مجلس النواب هو المخول بإصدار قانون انتخاب الرئيس وقانون انتخاب مجلس النواب”.
وأكد المستشار عقيلة صالح، أن المجلس أوفى بتعهداته المتعلقة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتمت مداولة ومناقشة ما وصلت إليه لجنة 6+6، وأُجل البند إلى حين استلام ما توصلت إليه اللجنة بشكل رسمي إلى مجلس النواب.
من جانبها قالت عضو مجلس النواب، سلطنة المسماري، إن المبعوث الأممي إلى ليبيا يتجه إلى تشكيل لجنة رفيعة المستوى، إذا أخفقت لجنة 6+6 في التوافق على قانون الانتخابات، وأن مجلسي النواب والدولة توافقًا على قوانين الانتخابات، ورحبا بأي توافق داخل اللجنة، وأن قوانين الانتخابات جاهزة، ولا يوجد تأخير في إرسالها لمفوضية الانتخابات، مؤكدة على ضرورة تشكيل حكومة مصغرة لكي تشرف على إجراء الانتخابات.
وأضافت “المسماري” إنه جرى إرسال النسختين الأخيرتين من قانوني انتخابات رئيس الدولة ومجلس الأمة إلى المفوضية العليا للانتخابات، للرأي، وإبداء الملاحظات، وهو ما لا يتوافق مع تصريح رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح الذي عبر في وقت سابق عن أسفه من عدم إرسال اللجنة المشتركة 6+6 أية نسخة رسمية إلى المفوضية العليا للانتخابات.
ونشرت لجنة (6+6) مسودات قوانين انتخاب الرئاسة ومجلس الأمة في الـ7 من يونيو الجاري، وسط تحفظ من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات التي اعتبرت أن بعضها يستحيل معه إجراء الانتخابات فنيا، حيث قال رئيس المفوضية عماد السايح إنه لا يجوز انتخاب رئيس للدولة بجنسية أجنبية من ضمن جملة ملاحظات شكلية.
وفي رد على السايح، ذكرت 6+6 في مراسلة إلى مجلسي النواب والأعلى للدولة أن حديثه يناقض نفسه فـ “هو صرح قبل أيام من إعلان مخرجات بوزنيقة، أنه على تواصل مع اللجنة وأنه يبدي ملاحظاته أولا بأول”، وإن تحديد شروط الترشح للرئاسة من مهام السلطة التشريعية وليس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
إلى ذلك قال رئيس الحركة الوطنية الشعبية الليبية، مصطفى الزائدي، إن الأمم المتحدة لا ترغب في إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب الليبي، مؤكدًا أن المنظمة الدولية تمنع إقامة مؤسسة عسكرية موحدة في البلاد، الأمر الذي يؤكد سعي الغرب لإقامة سلطات لأصحاب المال كما حصل في بعض دول أوروبا الشرقية “سلطة المافيا”.
وأضاف الزائدي قائلًا: “في حالة إجراء انتخابات ستكون مزورة وغير حقيقية، وسيتمكن فيها طرفان قويان من السيطرة أولهما المال، وثانيهما مافيا السلاح، وسيكون عن طريق التزوير المباشر أو غير المباشر، إما بشراء الأصوات والذمم بالمال أو تغيير نتيجة الانتخابات بالقوة، كأن يمنع المترشحون أو تغير الصناديق أو تغير الأصوات، وحتى لو حصل أن دخل بعض الناس من العناصر الوطنية العادية فيما يسمى مجلس الأمة فلن يكون إلا من باب الديكور، ولن يكونوا أغلبية، بل سيكونون أقلية”.
وأكد الزائدي أن الأمم المتحدة تدير الفتنة المستدامة في ليبيا، وتعمل على الأزمة المستدامة في البلاد، ولا ترغب إطلاقا في حل الأزمة الليبية، ولا يمكن التعويل عليها في حلها، واصفًا من يعول على الغرب أن يقدم له الاستقلال والحرية والكرامة بالجاهل.
إلى ذلك قال مستشار الأمن القومي، إبراهيم بوشناف، إن إحاطة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبدالله باتيلي، أمام مجلس الأمن الدولي، شابها الغموض، وإنه “فتر حماسه لإجراء الانتخابات”.
وأضاف بوشناف، إن باتيلي، “تطرق إلى كل مناحي الحياة في ليبيا حتى ما هو خارج مهمته”، لافتًا إلى أن الأجهزة الأمنية والقضائية تؤدي واجباتها ومن غير المقبول بالمطلق التعقيب عليها إلا وفقا للتشريعات الليبية.
وقال بوشناف، إن مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم هي المساعدة فقط، لا ممارسة الهيمنة والخروج عما هو موكول لها، داعيًا المبعوث الأممي إلى ليبيا إما أن يمضِي في مهمته للدعم وإما أن يترك الليبيين في حالهم، وسنصل حتما إلى استعادة وطننا وبناء دولتنا.
من جانبه اعتبر عضو مجلس الدولة، بلقاسم قزيط، أن المبعوث الأممي إلى ليبيا معرقل لأي توافق وطني، مؤكدًا فقده لثقة الليبيين.
وأضاف قزيط إن البعثة الأممية ليست سلطة حاكمة للشعب الليبي، مطالبًا مجلسي النواب والدولة بالمضي نحو حكومة موحدة وإجراء الانتخابات.
بدورهم استغرب عدد من المترشحين للرئاسة في بيان لهم الموقف السلبي للمبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي حيال اجتماعات لجنة 6+6 ومخرجاتها والنأي بنفسه عن اجتماعاتها، وتخليه عن مهمة الوساطة ووقوفه متفرجًا على الخلافات القائمة.
وقال البيان إن “باتيلي” ومستشاريه السياسيين في البعثة انخرطوا في العمل ضد مصلحة الشعب الليبي بالعمل على إعاقة الانتخابات، مطالبين الأمين العام للأمم المتحدة بتغييرهم فورًا.
وأكد البيان على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة في أقرب وقت ممكن وفي ظل حكومة واحدة لكل ليبيا تشكل لهذا الغرض، محملين بعثة الأمم المتحدة مسؤولية كل تأخير إضافي في إجراء الانتخابات.