أسعار الأضاحي في السوق المحلية خارج المعقول وتتخطى قدرة المواطنين
متابعات – منيرة الشريف
يشكو المواطنون في مختلف المدن والمناطق الليبية من ارتفاع أسعار أضاحي العيد هذا العام، التي تجاوزت 3000 دينار، حتى باتوا عاجزين عن شرائها، ويقف وراء ارتفاع الأسعار عدة عوامل في مقدمتها ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب عدم اهتمام حكومة الدبيبة بالمربين والوقوف على مشاكلهم المتمثلة في غلاء الأعلاف والتطعيمات والأدوية البيطرية.
وغالباً ما يستبق أرباب الأسر حلول عيد الأضحى بشراء الخراف كأضاحٍ للعيد، لكن ارتفاع الأسعار مقارنة مع السنوات الماضية غيّر من طقوس العيد بعد أن تراوحت في كثير من الأحيان ما بين 2500 إلى 3500 دينار، ووصلت في أحيان أخرى إلى أكثر من ذلك، حيث وصلت إلى 5000 دينار، في ظل نقص السيولة المالية وتأخر صرف المرتبات.
“الموقف الليبي” استطلعت آراء بعض المواطنين والتجار في مناطق مختلفة، وأكد غالبيتهم أن أسعار الأضاحي في السوق المحلية مرتفعة مقارنة بالدول المجاورة و بدخل المواطن خاصة في ظل شح السيولة النقدية.
أحد التجار في سوق الحي الإسلامي بطرابلس قال: إن الأسعار تتراوح ما بين 1800 إلى 3000 دينار للأضاحي الوطنية، وهناك في السوق أيضا أسعار تتراوح بين 3000 و3500 دينار، فيما يبلغ سعر الخروف المستورد 1500 دينار، وسبب الغلاء يكمن في ارتفاع أسعار العلفة، وزيادة أسعار التنقل من مدينة إلى أخرى.
المواطن عبد الحميد مختار من سكان مدينة طرابلس قال: ارتفاع الأضاحي سببه الاحتكار والرشاوى وارتفاع سعر الأعلاف والجشع والاستغلال والفوضى التجارية وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء وتراخي الحرس البلدي والجهات الرقابية وتردي الخدمات البيطرية بالقطاع العام، أي بالمجمل عدم اهتمام الحكومة برئاسة الدبيبة بهذا الأمر وتفريطها في حق المواطن البسيط الذي لم يعد يستطيع شراء الأضحية، فانتشرت ظاهرة شراء الأضحية بقرض مصرفي وهذه سابقة لم تكن موجودة في ليبيا قبل سنة 2011.
المواطن فرحات عبد الدائم من سكان مدينة رقدالين قال: نحن الليبيين نعتبر أضحية العيد شيئا ضروريا جدا، وكأنها فرض وليست سنة، لقد تربينا على هذا الأساس، وكانت الظروف خلال العقود الماضية مناسبة جدا لشراء العائلة الواحدة أكثر من أضحية، وكانت معظم الأسر تشتري الخراف لذبحها يوم الموسم، وكذلك بعض العائلات إضافة إلى الأضحية، كانت تشترك في ذبح عجل أو جمل لعمل القديد، وكانت الدولة عن طريق صندوق الضمان الاجتماعي توفر أضاحي لذوي الدخل المحدود مجانا، اليوم وفي هذه الظروف السيئة التي تمر بها بلادنا، يصعب على أرباب الأسر شراء أضحية، ويكتفي كثيرون بشراء كيلوات قليلة من اللحم، وأحيانا لا يجدون المال الكافي لشراء حتى اللحم بسبب تأخر المرتبات التي أساسا لا تكفي لشراء الأضحية.
المواطن عبد الله مفتاح من مدينة صرمان قال: في كل سنة تشهد الفترة التي تسبق عيد الأضحى موجات غلاء متصاعدة لأسعار الأضاحي واللحوم، لكن هذا العام كان الوضع قياسيا، ورغم ارتفاع الأسعار وتخطيها حاجز 2500 دينار ووصولها حتى إلى 3500 دينار، يقبل المواطنون على الشراء، نتيجة تمسّكنا نحن الليبيين بإحياء شعيرة الأضحى رغم وضعنا الاقتصادي المتدهور.
وقالت المواطنة سعاد رجب من سكان مدينة الخمس: سعر الأضاحي هذا العام مرتفع جدا، وتتراوح أسعار الأضاحي بين 1500 دينار إلى 2500، وسعر كيلو اللحم الوطني يتراوح بين 55 و62 دينار من قصاب إلى آخر، وسط غياب الجهات المختصة لوضع حد لارتفاع الأسعار في ليبيا على مختلف السلع تزامناً مع تأخر المرتبات ونقص السيولة النقدية.
يقول المواطن عبد الخالق صالح من مدينة طرابلس: أسعار الأضاحي هذا العام بالنسبة لدخل المواطن تعتبر مرتفعة، ولكن بالنسبة للمربي تعتبر مناسبة لأن سعر الأعلاف مرتفع، وبهذا سعر الأضحية متكلفة سعرا عاليا على المربي.
بدوره قال المواطن صلاح الدين اللافي من سكان مدينة طرابلس: أسعار الأضاحي مرتفعة جدا، وهذا شيء يتحمله الدبيبة والصديق الكبير والحويج، فهؤلاء يساهمون في ما يعانيه الشعب من أزمات مفتعلة.
وقال أحمد الرابطي من سكان الهضبة: إن المستهلك عاجز أمام غلاء الأسعار التي تفوق دخله بأضعاف، والمربي مجبر على رفع السعر لأن تكاليف الإنتاج مرتفعة وأسعار العلف والتبن مبالغ فيها، وحكومة الدبيبة لا تكترث ولا تهتم بشؤون المواطنين وتقف موقف المتفرج.
ويقول خالد البركي، تاجر أغنام: منذ أكثر من 3 أسابيع أداوم على الذهاب إلى السوق قبل الظهيرة، وأظل جالساً أراقب أغنامي وأتبادل أطراف الحديث مع زملائي التجار، انتظاراً لتزايد أعداد مرتادي السوق، لكن حالة من التشاؤم بدأت تتسلل إلي، مع اقتراب عيد الأضحى، وتراجع احتمال بيع الأغنام بسبب عزوف المواطنين وعدم إقبالهم على الشراء لأن الأسعار ارتفعت عن الأعوام السابقة، وترقبهم لانخفاض الأسعار، ومنهم من ينتظر ذلك حتى ساعات الفجر الأولى من يوم العيد.
أما المواطن عامر عثمان فقال: في العادة يتسابق المواطنون على شراء الخراف، قبل حلول عيد الأضحى، لكن مع الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، عجز الكثيرون منهم عن اتباع هذا الطقس السنوي.
وأضاف: أسواق الأغنام تعاني شبه شلل، بعدما بات سعر الأضحية يفوق قدرات غالبية الليبيين الذين يعانون بالأساس صعوبات معيشية، فوصل سعر الحولي 2000 دينار و3000 دينار بعدما كان يراوح في الأعوام الماضية بين 1000 و1500، والكارثة أن المستوردة وصل سعرها إلى 1500 دينار، وهذه كارثة بالنسبة لي ولأمثالي من أصحاب الدخل المحدود، فمرتبي 1200 دينار.
من جهته أكد عميد بلدية أوباري، أن أسعار الأضاحي هذا العام وصلت إلى 5 آلاف دينار، وهي المرة الأولى التي تصل فيها إلى هذا السعر.
وأضاف في تصريح صحفي، إن “المواطن غير قادر على شراء الأضحية بهذه الأسعار الخيالية، خاصة ذوي الدخل المحدود”.
وطالب الحكومة بإيجاد الحلول لارتفاع أسعار الأضاحي، وحل أزمة المواطنين، موضحا أنه لابد من تحديد أسعار مناسبة للأضاحي، أو مساعدة المواطن بمبلغ مالي لشراء أضحيته.
وصول آلاف من الأغنام إلى ميناءي طرابلس وبنغازي
وفي سياق متصل أعلن المتحدث باسم ميناء طرابلس “عبد السلام الدالي” الأسبوع الماضي دخول ناقلتين تحملان أغناما من نوع الإسباني، حيث كان على متن الأولى 7500 رأس غنم والثانية 7000، كما وصلت دفعة مواشٍ أخرى، الجمعة، تحمل 7150 رأسا من الغنم.
وأعلن المتحدث باسم ميناء بنغازي البحري مفتاح الشهيبي، وصول سفينتين لنقل المواشي من رومانيا، الأولى على متنها 8500 رأس من الأغنام و125 رأسا من الأبقار، والثانية على متنها 9000 رأس من الأغنام.
كما أعلن الشهيبي عبر صفحة إدارة الميناء على فيسبوك، وصول سفينة أخرى على متنها عدد 9850 رأسا من الأغنام قادمة من دولة إسبانيا.
وتابع المتحدث باسم الميناء: “أتمنى وصول المزيد من الشحنات الأخرى، لأن هذا العدد غير كاف لتغطية السوق مع قرب عيد الأضحى المبارك.
ورصدت الصحيفة بعض تعليقات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي حول الأغنام المستوردة منها:
مسعود العوام:
الحمد لله، الله يرحم والدي من جلب الأغنام من الخارج، لولا ذلك لوضعت مرتب شهرين في خروف، وبعدها أعلن إفلاسي.
محمد الأسطى
المستورد وصل سعره 1500 دينار بينما سعر تكلفته الأساسي، 30 دولارا.. إلى أين ذاهبون ببلادنا؟
خدمة توصيل الأضاحي
وأمام كساد الأسواق، لجأ عدد من تجار المواشي وصغار المربين في عدة مدن ومناطق، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج للأضاحي وعرض خرافهم للبيع، مع تفعيل ميزة توصيل الأضاحي إلى المنازل.
وفي محاولة لمساعدة موظفيها أعلنت جامعة بنغازي عن طرح أضاحٍ بالتقسيط بأسعار تتراوح بين (2000د.ل و2500د.ل و3000د.ل) تخصم من مرتب الموظف لمدة ما بين 8 و10 أشهر.
من جانبها أعلنت الشركة الوطنية لحفر وصيانة آبار النفط عن طريق اللجنة التسييرية لاتحاد عمال الشركة، عن توفيرها أضاحي العيد للسادة المستخدمين وذلك بالتقسيط لمدة 4 أشهر.
وأوضحت الشركة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي، “فيسبوك” أنه يمكن لكل مستخدم أن يشترك في الحصول على أضحيته بعد استلام نموذج الخدمة من رئيس اتحاد العمال بالمقر الرئيسي للشركة وتعبئة البيانات والتوقيع عليه من إدارته.
كما أعلنت مديرية أمن البيضاء توفير أضاحي العيد لمنتسبيها من ضباط وضباط صف وموظفين بالتقسيط المريح على الراتب، على أن يتم استقطاع ثمن الأضحية خلال مدة زمنية أقصاها (5) أشهر ابتداء من نهاية شهر أغسطس القادم (8).
خبراء اقتصاديون يرون أن سبب ارتفاع أسعار الأضاحي هو تزامن صرف المرتبات مع توفير المصارف لقدر من السيولةً واستعداد العديد من تجار الأغنام البيع عبر وسائل الدفع البديلة والمختلفة من صكوك مصدقة وبطاقات مصرفية، هذا بدوره سيؤدي إلى زيادة الطلب وارتفاع الأسعار.
ويرى مراقبون أن بعض المواطنين لجأوا إلى شراء الأضحية بالأقساط عبر قروض توفرها بعض المصارف للموظفين، فهناك رغبة واسعة للحفاظ على الطقس الإسلامي، لكن في أحيان كثيرة تكون الظروف الاقتصادية أقوى ولا ينبغي على المسلم أن يكلّف نفسه ما لا تستطيع.
وفي الحقيقة إن سيطرة الميليشيات على مؤسسات الدولة ونهبهم أموال الشعب، زادت من ارتفاع أسعار الأضاحي، فهم لا يعيرون اهتماما لذلك، ولا يراعون ظروف المواطنين البسطاء، بل يتباهون بشراء الأضاحي بأسعار تصل إلى 5000 دينار.