مقالات الرأي

الأسباب العامة لانتهاء عقد العمل

أسماء بركه الفسي

انتهينا في المقال السابق حول التساؤل عن مدى نفاذ الاستقالة إذا جاء رد صاحب العمل بالرفض، فهل يمكن للعامل الانسحاب بعد انتهاء مهلة الإنذار رغم رفض صاحب العمل للاستقالة، أم لا يمكنه ذلك؟ وفي حالة مغادرة العامل لعمله هل يعتبر ذلك انتهاء تعسفيا لعقد العمل؟
ـ حقيقة.. القانون لم يوضح ذلك إلا أن الآراء الفقهية أجمعت على أن الأسباب التي يبني عليها العامل استقالته ليست قابلة للتقييم والفحص والمراقبة من قبل صاحب العمل أو حتى البحث عن جديتها أو موضوعيتها أو حجج أو مبررات صحيحة ما دام العامل يتمتع بكامل قواه العقلية والأهلية الكاملة التي تمكنه من تقدير مصلحته، ومن ثم يمكن القول إنه إذا أثبت العامل احترام الإجراءات التي فرضها المشرع عند تقديم الاستقالة وبالرغم من رفض صاحب العمل يكون بإمكانه إنهاء العلاقة فور انتهاء مدة الإنذار لأن العبرة بالإجراءات وليست بالأسباب.
ثانيا: السبب الثاني لانتهاء عقد العمل.. استحالة التنفيذ
تقضي المادة (161) من القانون المدني بأنه (في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه)، وبتطبيق هذا النص على العلاقة العقدية العمالية يتضح أنه إذا استحال على العامل أن يقوم بأداء العمل المكلف به أو استحال على صاحب العمل أن يمكن العامل من القيام بالعمل وكانت هذه الاستحالة بسبب أجنبي عن المتعاقدين فإن عقد العمل ينفسخ فور تحقق هذه الاستحالة ودون أن يكون للانفساخ أثر رجعي ودون أن يلزم من تحققت الاستحالة في جانبه بتعويض الطرف الآخر عن المدة المتبقية من العقد أو عن مهلة الإنذار إذا كان العقد غير محدد المدة.
وفي نطاق العلاقات العمالية فإن استحالة التنفيذ النهائية في نطاق قانون العمل هي التي وحدها التي يترتب عليها فسخ العقد، أما استحالة التنفيذ المؤقت فيترتب عليها وقف العقد لا فسخه، والسبب في التفرقة بين الاستحالة النهائية والمؤقتة هو أن عقد العمل له أهمية بالنسبة لكل من العامل وصاحب العمل، ومن مصلحتهما معا استقرار الرابطة العقدية، وعلى هذا الأساس فإنه كلما يكون من الممكن الالتجاء إلى وقف العقد فإنه لا تكون هناك حاجة لتقرير فسخه.
وبناء على ما ذكر أعلاه فإنه يتعين التفرقة بين استحالة التنفيذ بالنسبة للعامل واستحالة التنفيذ بالنسبة لصاحب العمل.
ـ فاستحالة التنفيذ بالنسبة للعامل إذا وجد سبب أجنبي أو يستحيل تنفيذ عقد العمل من قبل العامل نتيجة قوة قاهرة بالمعنى المعروف لها في القواعد العامة من عدم إمكانية التوقع واستحالة دفعها فإن هذا السبب الأجنبي لا يترتب عليه فسخ العقد بقوة القانون، إلا إذا كان سببا دائما، وإذا كانت هذه الاستحالة مؤقتة كما ذكرنا آنفا فلا يترتب عليها إلا مجرد وقف عقد العمل أثناءها ليعود عقد العمل إلى التنفيذ عند زوالها، أما إذا استحال تنفيذ العقد بصفة نهائية فإن العقد ينفسخ بقوة القانون كما ذكرنا.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى