بين ويلس ومعيتيقة سيادة وطن!!
ناصر سعيد
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الـ 53 لإجلاء القواعد والقوات الأمريكية الذي تحقق في 11 يونيو 1970، قبل مضي سنة على قيام ثورة الفاتح، والذي يُعد عملا تاريخيا توج كفاح الأجداد والآباء ضد الاحتلال، وكان استجابة صادقة لإرادة الشعب الليبي في التحرر من التبعية والاستعمار.
لقد جرت مفاوضات حاسمة ومهمة وتاريخية لإجلاء القوات والقواعد الأجنبية، نتج عنها توقيع اتفاقية لإجلاء القوات والقواعد البريطانية والأمريكية، وأيضا نتج عن هذه المفاوضات طرد آخر جندي بريطاني في 28 مارس 1970، ورحيل القوات الأمريكية وإغلاق أكبر قواعدها في العالم في 11 يونيو 1970، وتطهير البلاد من بقايا الإيطاليين في 7 أكتوبر 1970.
ومن الدروس المستفادة ونحن نستذكر هذه المناسبة أن أسباب التآمر الغربي على ليبيا عام 2011 وطوال العقود الأربعة التي سبقت غزو الناتو كانت بسبب تقويض تواجدهم العسكري والسياسي فوق التراب الليبي والشمال الأفريقي والبحر المتوسط التي شكلت إنجازا وتحولا تاريخيا في مقاومة الشعوب، ورفعت الروح المعنوية للمقاومة العالمية ضد الاستعمار، وأفقدت الإمبريالية العالمية نفوذها ومصالحها في ليبيا والإقليم، فقد كانت قاعدة (ويلس) وما يتبعها من أفرع للدعم والمساندة والتدريب والإمداد من الوطية إلى بئر الأسطى ميلاد بعين زارة إلى مطراطين ومهبط النموه للتبادل بمصراته، بالإضافة إلى وسائل اتصال من خلال هوائيات بدرنة وطبرق، كانت القاعدة الأمريكية الأكبر في العالم آنذاك، والتي كانت تنفذ سياسات أمريكا الاستعمارية في أفريقيا والوطن العربي وحتى أوروبا، فقد شاركت في العدوان على مصر، ودربت وأهلت مئات الطيارين من أوروبا والعدو الصهيوني، وكانت تضم أكثر من أربعة آلاف مقاتل، كانت بمثابة ولاية أمريكية مصغرة على شاطئ البحر المتوسط.
وللتذكير: أحد رؤساء وزراء العهد الملكي ووزير خارجية إحدى تلك الحكومات قال (عندما تزايدت الضغوطات الشعبية المطالبة بالجلاء وبالذات عام 1967 ولكون أمن الدولة يتطلب استمرار تلك القاعدة فقد عرض الإجلاء على مجلس النواب آنذاك وشكلت لجنة بالخصوص، وصوت مجلس النواب بالأغلبية لصالح استمرار القاعدة)، ولأن الإجلاء يتطلب إرادة ثورية كانت غائبة في ذلك الزمن ظلت القوات والقواعد الأجنبية جاثمة على الأرض الليبية إلى أن قامت ثورة الفاتح والتي كان من أولوياتها الوطنية والقومية تقويض الوجود العسكري الأجنبي لتحقيق السيادة الوطنية وبناء صرح الكرامة والمجد لليبيين، والذي أصبح مفقوداً منذ ما يزيد على عقد من الزمن بسبب العابثين من الخونة والعملاء، وأعادوا ليبيا إلى عهد وحكم السفراء، يتحكمون في ثرواتها وقراراتها وينتهكون سيادتها ويقررون من يحكم.
لا شك أن الإرادة والعزيمة الوطنية التي حققت الإجلاء ما زالت في قلوب الليبيين صلبة وقوية، وسيعيد التاريخ نفسه، وسيتم تطهير ليبيا من الإرهاب والمرتزقة والمستعمرين.
الحرية للوطن والسيادة للشعب.