مقالات الرأي

الأسباب العامة لانتهاء عقد العمل

أسماء بركه الفسي

بداية بتعين علينا أن نعلم أنه يجوز لطرفي العلاقة في عقد العمل الاتفاق على إنهائه في أي وقت، وهذا ما يعرف بالتقايل.. ما هو التقايل؟ هو ما يعرف بالفسخ الاتفاقي، وفي عقد العمل يجوز أن يكون التقايل أو الفسخ الاتفاقي صريحا، أي باتفاق الطرفين، أو ضمنيا بامتناع العامل عن أداء العمل ووفاء صاحب العمل بما تبقى له من أجر ومستحقات كمكافأة نهاية الخدمة، ويخضع التقايل (الفسخ الاتفاقي) في إثباته والأهلية المتطلبة لصحته وآثاره لنفس القواعد المقررة في إثبات عقد العمل وأهلية إبرامه، وينتج التقايل أثره اعتباره من تاريخ وقوعه.
والأمثلة على أسباب التقايل أو الفسخ الاتفاقي، متنوعة وعديدة، فمنها تعديل العقد من طرف واحد، وبالأخص عندما يكون هذا التعديل قد تم من طرف صاحب العمل من دون موافقة العامل، فيعتبر هذا التصرف بمثابة إعلان صريح لنية الطرف المبادر بالتعديل على إنهاء علاقة العمل، ذلك أن القانون ينص على مبدأ اتفاق الطرفين على تعديل عقد العمل، مما يجعل أي تعديل انفرادي يعتبر بمثابة رغبة في إنهاء العقد.
كما أن من الأسباب العامة الأخرى لنهاية عقد العمل:
ـ انتهاء مدة العقد: حيث ينتهي العقد عند انتهاء المدة المحددة فيه، وذلك في العقود محددة المدة.
ـ الاستقالة، والوفاة، واستحالة التنفيذ وفسخ العقد لخطأ أحد الطرفين.
السبب الأول لإنهاء العقد الاستقالة، حيث تعتبر الاستقالة حقا من حقوق العامل أو الموظف، فهي مستمدة من حرية العمل والمعترف بها في مختلف القوانين والأحكام القضائية والآراء الفقهية المعاصرة، بحيث يمكن للعامل الذي يبدي رغبته في إنهاء العلاقة التعاقدية التي بينه وبين صاحب العمل أن يباشر هذا الحق عن طريق تقديم طلب كتابي لصاحب العمل يعبر عن رغبته في وضع حد للعلاقة التعاقدية.
والاستقالة وإن كانت حقا للعامل يمارسه متى دعت الضرورة لذلك يظل استخدامها مقيدا بعدة قيود تنظيمية الأمر الذي اعتبره بعض فقهاء قانون العمل من الحقوق النسبية لا يجوز التعسف في استعماله، ومن أهم القيود الواردة على حق الاستقالة وجوب منح صاحب العمل مهلة فاصلة بين تاريخ إعلان الرغبة في الاستقالة وتاريخ بداية سريانها، أو ما يعرف بمهلة الإنذار المنصوص عليها في قانون علاقات العمل رقم 12 لسنة 2010، وذلك حتى يتمكن صاحب العمل من اتخاذ التدابير اللازمة التي تمكنه من إحلال عامل آخر بديل للعامل المستقيل وعدم تعريض مصلحة المؤسسة للاضطراب.
ولأن الاستقالة تصرف قانوني يصدر بالإرادة المنفردة فيتعين على العامل التعبير عن إرادته بشكل واضح لا لبس فيه عن رغبته في وضع حد لعلاقة العمل التي بينه وبين صاحب العمل، ومن ثم يتعين أن تكون هذه الإرادة صريحة واضحة غير ضمنية خالية من العيوب، وعليه ليس لصاحب العمل أن يكتفي ببعض التصرفات الصادرة من العامل ويفسرها على أنها استقالة ضمنية أو أنها إعلان ضمني من العامل عن رغبته في إنهاء العلاقة العقدية التي بين العامل وصاحب العمل.
والأصل ألا تنتهي خدمة العامل إلا بقبول الاستقالة، ولكن خوفا من تباطؤ رب العمل في الرد على طلب الاستقالة أو تعسفه في استخدام حقه في قبول أو رفض الاستقالة أي يتردد في ذلك فإن نهاية مدة الإنذار تصبح الاستقالة مقبولة حكما، وهذا ما اتفق عليه فقهاء قانون العمل.
السؤال الذي يدور الآن.. حول مدى نفاذ الاستقالة إذا جاء رد صاحب العمل بالرفض فهل يمكن للعامل الانسحاب بعد انتهاء مدة الإنذار رغم رفض صاحب العمل للاستقالة أم لا يمكنه ذلك؟ وفي حالة مغادرة العامل عمله هل يعتبر ذلك إنهاء تعسفيا لعقد العمل؟ هذا ما سنعرفه في المقال اللاحق.. كونوا معي.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى