مقالات الرأي

لا عزاء لانبطاحكم يا عرب

عفاف الفرجاني

المتابع للشأن الفلسطيني والصراع غير العادل بين الكيان الصهيوني والشعب والفلسطيني يزداد شراسة يوما بعد يوم، خاصة في السنوات الأخيرة من عمر الاحتلال، فالسنوات الماضية هي الأكثر عنفًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا حسب ما أوردته بعض المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة. أما في مطلع هذه السنة وخلال ثلاثة أشهر فقد سجل استشهاد 94 فلسطينيا مقابل مقتل 20 إسرائيليا. ليس هدا فقط، لكن أيضا هناك ممارسات لا إنسانية تفرض على المواطن الفلسطيني داخل أرضه، من خلال مصادرة أبسط حقوقه سواء الدينية أم الاقتصادية.
إن التطورات العالمية وما حدث من انقلابات في السياسات العالمية كان له دور أساسي في تنامي هذا الوضع المأساوي، فهذه المتغيرات شغلت المجتمع العربي والإسلامي تحديدا عن قضية العصر، إن العنف الذي تنتهجه إسرائيل بدعم أمريكي وتواطؤ دولي سيدفع بالجميع نحو منحى خطير من الإبادة. فلن يتوقف الاحتلال عن أعمال العنف والقتل والسجن وإذلال الفلسطينيين، ولن يتوقف أحرار فلسطين عن الدفاع عن أرضهم المحتلة ولو كلفهم حياتهم.
فكل الوسطاء الذين كانوا رئيسيين في حل الأزمة مؤدلجون سياسيا ودينيا، باستثناء العرب، رغم مشاعرهم العربية والقومية يغردون خارج السرب بالقليل من الفعل والكثير من الاستنكار.
ما نشاهده اليوم من ضربات إسرائيلية انتقامية على غزة وحتى على لبنان، هو رسالة واضحة لكل العرب والمسلمين مفادها نحن مدعومون دوليا، حتى وصل بهم الاستهتار بالحكومات العربية باستدعائهم الجيش الإسرائيلي الاحتياطي لمزيد من القتل والتشفي في مشهد تصاعدي للحدث.
لقد أصبحت القضية الفلسطينية نوعا من الترف النضالي اليوم عند الكثيرين لا نشاهده إلا من خلال كرنفالات سياسية تدين الاحتلال ولا توقفه، تتعاطف مع القضية ولا تدعمها، تبكي الشهداء ولا تثأر لهم.
ما يفعله اليمين المتطرف الإسرائيلي اليوم لا ينحصر في توسع الاستيطان أو على برنامج يدعو لفرض السيادة الإسرائيلية على كامل التراب الفلسطيني، ولكنه يذهب لما هو أكبر، فهو يسعى لسردية دينية -قومية تعد الأكثر تطرفا في الصراع، بذلك سيغدو أكثر السرديات تطرفا حتى يصعب فك هذه الحلقة، الشاهد في هذا أن الكيان الصهيوني المتطرف اليوم أصبح أكثر شراسة وأكثر عنفا، ونحن كعرب أصبحنا أكثر ضعفا وأكثر إذلالا.
فكل هدا الإحباط السياسي مع الأزمات الاقتصادية التي تعصف بمعظم الدول العربية كان نتاجها ليس على الصعيد الداخلي لهذه الدول خاصة الدول التي حل بها الربيع العربي المشؤوم والتي تعد الداعمة الأولى للقضية الفلسطينية، بل انعكس أيضا على فلسطين وبشكل كبير، فخلال هذه السنوات الأخيرة وبعد فقدان الدعم العربي تبدو مؤشرات الفقر في الأراضي الفلسطينية واضحة واللا مساواة بين العرب واليهود متباينة بشكل واضح، كلها مؤشرات تضعف من الروح النضالية.
ففي تقديري أن احتمال تصعيد واسع النطاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيزداد والخاسر فيه الفلسطيني، فبالإضافة إلى انبطاح الحكومات العربية هناك انشغال متعمد للأمم المتحدة بقضايا تخص المافيا الدولية وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية التي تدعم فيها أمريكا والاتحاد الأوروبي بشكل صريح ضد سيادة روسيا. وعليه فإن ما يحدث اليوم هو تغول صهيوني حقيقي ضد الشعب الفلسطيني، ولن يوقفه إلا ثبات المقاومة الداخلية ولا عزاء لحكوماتنا العميلة.

زر الذهاب إلى الأعلى