انتهازية المواقف
عبد الله المقري
نحن أمام مشهد ليبي موغل في الفوضى السياسية، ناتج عن مؤامرة كونية متعددة الأطراف، يحتاج إلى التعاطي معه بموضوعية وخارج حسبة العواطف والأماني، وينصب على معطيات الحقائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعامل الخارجي المؤثر في هذا المشهد ودون تحيز ودون أوهام مرتبطة بالماضي والمستقبل، وبالتالي يصبح هذا المشهد في حكم الاستسلام والخوف وحتى السكوت وعدم الاكتراث بحالة الوطن، والليبيون منهم مجموعة انتهازية تظهر في المواقف كأبطال، وهم يتلونون في كل المناسبات لتحقيق مصالحهم الذاتية بطرق غير مشروعة، وهم خارج معركة الوطن بقدر ما يحققون من مكاسب نتيجة ازدواجية مواقفهم، ونتيجة نهمهم للمال فإنهم يتربعون في الموائد ويتقدمون المناسبات، ولم يثبت أنهم كانوا في عمل وطني مؤثر هم وأولادهم وأهلهم وحتى رهط من قبائلهم، وللأسف هم معتبرون في بعض المراحل قيادات في العمل الإداري والاقتصادي، إلا أنهم واجهات “كليشي” اعتادت الظهور بشكل مقزز تضرب الدفوف كلما حان لها ذلك، وعندما يشتد الحوار حول القيم الوطنية وحول الاصطفاف لأجل الوطن يظهر على وجوههم القناع الانتهازي، وتصبح ليبيا عندهم وجهة نظر لا موقفا وطنيا وثوابت وطنية تتعلق بالحرية وتتعلق بالسيادة وتتعلق ببناء الدولة الوطنية وتتعلق بحقوق الإنسان والحريات والأمان بحق الشعب في أن يعيش حرا مستقلا متمتعا بالتصرف في موارده ضمن حقه في الثروة وحقه في رفض الاستغلال والرشوة والمحسوبية والقضاء على الفساد وإهدار المال العام، ومن أجل التمتع بحياة معيشية مريحة بعيدا عن التفريط في موارده ومكتسباته التي يدافع عنها وذلك بسن قوانين تجرم كل الاعتداء على الثروة الوطنية والقومية ومن حقه أن تكون موارده تستثمر في تحقيق التنمية والنمو والإنتاج والوصول إلى التكامل الاقتصادي والاجتماعي ويستطيع الشعب الليبي أن يحافظ على ثرواته وخيرات بلاده وهو في حل من الاستثمار الأجنبي الذي يروج له البعض في سبيل الحصول على عمولات في مشاريع تنموية قادر الشعب الليبي أن يديرها بنفسه خارج السيطرة الأجنبية التي أصبحت تفوز ببعض الامتيازات الممنوحة من قبل السلطة السياسية الفاسدة التي تتموضع في الانخراط مع المؤسسات الخارجية في الهيمنة لأجل تكدس العمولات من ثروة الشعب الليبي الذي أصبح غير قادر على السيطرة على ثروته ومقدراته العائدة من النفط والغاز وبقية الموارد الأساسية، ولطالما عقلية هذه القيادات التي تظهر في المشهد الليبي السياسي وتهيمن على القرار في مجال الأعمال والعقود والعطاءات تصبح جل المكاسب خارج مصلحة الدولة وخارج مصلحة المواطن وتصبح ضمن مافيا الفساد.