لجنة 6+6 تعلن عن مخرجات اجتماعاتها دون التوقيع على اتفاق
ضغوطات خارجية على طرفي الحوار في بوزنيقة قد تقوض العملية الانتخابية
متابعات – منيرة الشريف
أعلنت اللجنة المشتركة المكلفة من قبل مجلسي النواب والدولة (6+6) لإعداد القوانين الانتخابية، الثلاثاء الماضي، الموافق 7 يونيو 2023، التوافق على القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة نهاية العام الحالي، وذلك في ختام اجتماعاتها في مدينة بوزنيقة المغربية.
وكان من المتوقع إرسالها إلى مجلس النواب ليتولى إصدارها رسمياً، وإحالتها إلى مفوضية الانتخابات لتنفيذها، وأكدت في بيان لها أن “جميع المخرجات تمت بحضور أحد الخبراء التابع للأمم المتحدة وبالتشاور المستمر مع مفوضية الانتخابات”، إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي سفن اللجنة، وانتهت جهود اللجنة إلى لا شيء وتبعثرت آمال الليبيين في الخروج من المراحل الانتقالية.
فبعد أسبوعين من المشاورات المغلقة في المغرب، أعلنت لجنة 6+6 المعنية بإعداد قوانين الانتخابات في ليبيا والتي عقدت اجتماعاتها بمدينة بوزنيقة المغربية، عن مخرجات اجتماعاتها وتأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي بشأن القوانين الانتخابية.
ومن بين النقاط الخلافية المادة المتعلقة بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للرئاسة، وتضمن المقترح تخلي المترشح عن جنسيته في حال بلوغه الجولة الثانية للانتخابات، إضافة إلى مقترح تم تداوله برفع عدد أعضاء مجلس النواب إلى 290، ويتشكل مجلس الشيوخ من 90 عضوا، ليصبح الغرفة الثانية للبرلمان، وتنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن.
غياب رئيسي المجلسين عن التوقيع
ورغم تأكيدها الوصول إلى اتفاق نهائي حول قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية، أعلنت لجنة “6+6” التي تضم 6 ممثلين عن مجلسي النواب والدولة، إرجاء التوقيع الرسمي على اتفاق بوزنيقة، إلا أن غياب رئيسي مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح، وخالد المشري عن المؤتمر الصحفي الختامي، طرح جملة من التساؤلات، رغم إعلان رئيس لجنة مجلس النواب جلال الشويهدي في المؤتمر الصحفي الختامي رفقة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “إنهم في انتظار حضور رئيسي مجلسي النواب والدولة للبتّ النهائي في هذه القوانين”، نافيا تعرضهم لأي ضغوط من المغرب أو دول أخرى، فيما توصلوا إليه من توافقات حول القوانين، إلا أن غيابهم كان سببا في عدم الإعلان عن التوافق الذي توصلت له اللجنة.
ومن جانبه، ذكر رئيس لجنة مجلس الدولة عمر بوليفة أن القوانين التي جرى الاتفاق عليها تسمح للجميع بالمشاركة في الانتخابات ولا تستثني أحدا، مؤكدا كذلك أنه “جرى التوقيع على التوافقات دون إكراه من أي طرف داخلي أو خارجي، وأنه لم يتبق من القوانين سوى إصدارها رسميا من مجلس النواب”، إلا أن الضغوطات الخارجية ظهرت في عدم التوقيع على الاتفاق.
أبرز بنود الاتفاق
ومن أبرز البنود التي تم التوافق بشأنها، ما ينص على أن يكون تحديد موعد الانتخابات الرئاسية بالاتفاق بين مجلسي النواب و”الدولة”، وبالتنسيق مع مفوضية الانتخابات، فيما كان سابقاً من صلاحيات المفوضية فقط.
كما جاء وفقاً للتعديلات المقترحة، اعتبار المترشح مستقيلاً من عمله بمجرد قبول ترشحه، بينما كان يعتبر في القانون السابق متوقفاً عن العمل، ويعود له حال عدم نجاحه.
وفيما يتعلق بفقرة مزدوجي الجنسية للمترشحين، أوجبت التعديلات الجديدة على المرشح تقديم ما يفيد بتنازله عن الجنسية الثانية.
وذكرت مصادر من داخل لجنة “6+6″، أن الأعضاء المجتمعين في المغرب اتفقوا على السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح، على أن يتم التنازل عن الجنسية حال بلوغهم الجولة الثانية من الانتخابات.
وأضافت إنه تم الاتفاق على إجراء تعديل على عدد مقاعد مجلس النواب، لتبلغ 300 مقعد، وتكوين غرفة ثانية لمجلس النواب تحت مسمى مجلس الشيوخ تتكون من 90 عضوا، ما أثار حفيظة عددٍ من النواب، أصدروا بيانات لرفض أية تعديلات على اللجنة، مطالبين بضرورة اعتماد التعديلات من قِبل مجلس النواب.
دعم محلي ودولي
حظيت مخرجات بوزنيقة بردود محلية ودولية، فعلى الصعيد العربي، رحبت جمهورية مصر العربية بجهود لجنة 6+6 المشتركة المشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين بهدف إعداد القوانين الخاصة بالانتخابات الليبية، مثمنة استضافة المملكة المغربية الشقيقة لهذه الجولة من أعمال اللجنة.
وأكدت الخارجية المصرية في بيان لها أن مصر تشجع مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين على مواصلة الاضطلاع بالدور المنوط بهما وفقا لصلاحياتهما في اتفاق الصخيرات، بما يهدف إلى استيفاء جميع الأطر اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت بليبيا تحقيقا لتطلعات الشعب الليبي الشقيق.
ودعت مصر في البيان جميع الأطراف المنخرطة في الأزمة الليبية إلى دعم هذه الجهود اتساقا مع مبدأ التصور الليبي للحل، وباعتبار ولايتها مستمدة من المؤسسات الشرعية الليبية، تحقيقا للهدف المنشود وعودة الاستقرار إلى ليبيا الشقيقة وتحقيق طموحات شعبها.
وأبدت الإمارات ارتياحها بإعلان اللجنة المشتركة المكلَّفة من مجلسي النواب والدولة “6+6″، توافق أعضائها حول القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة نهاية السنة الحالية.
وأعربت الخارجية الإماراتية في بيان لها “عن أملها في توقيع الأطراف الليبية بشكل رسمي على القوانين الانتخابية وبأسرع وقت ممكن، كخطوة مهمة لإنهاء الأزمة وتعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا”.
وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية أشادت بجهود المملكة المغربية في إنجاح الحوار والتوافق الهامّين اللذين تم التوصل إليهما، بهدف تحقيق التسوية السياسية في ليبيا، معربةً عن أملها في توقيع الأطراف الليبية بشكلٍ رسمي على القوانين الانتخابية، كخطوة مهمة نحو إنهاء الأزمة وتعزيز الأمن والاستقرار فيها، وحرصها على أن تكون ليبيا دولة فاعلة ومُؤثرة في مُحيطها العربي والإقليمي والدولي، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي نحو التنمية والازدهار.
أما على الصعيد الدولي، فرحبت سفارات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، في بيان مشترك، نشرته سفارة لندن في ليبيا عبر حسابها الرسمي على تويتر، بجهود لجنة 6+6 في التوصل لاتفاق بشأن القوانين الانتخابية.
وحثت سفارات الدول الخمس الكبرى، في بيانها الجهات الفاعلة على المشاركة البناءة مع الممثل الخاص للأمين العام عبدالله باتيلي من أجل تأمين البيئة السياسية والأمنية والقانونية اللازمة للانتخابات.
بدوره قال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك إن الأمم المتحدة قدمت دعما فنيا للجنة المشكلة من مجلس النواب ومجلس الدولة من أجل إعداد قوانين الانتخابات «6+6»، طوال مراحل العملية، مشيرا إلى أن أعضاء اللجنة يستحقون الثناء.
وأشاد دوغاريك بما قدمه المغرب لتسهيل جهود اللجنة، مشيرا إلى أن نتائجها «قيد التحليل»، حسب تعليقه على اجتماعات اللجنة الأخيرة ضمن إحاطة يومية.
نتائج جولة بوزنيقة
من جانبها، قالت البعثة الأممية للدعم في ليبيا إنها “ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف لمعالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، داعية جميع الأطراف إلى الانخراط بروح من التوافق، لمعالجة جميع القضايا العالقة”، داعية الجميع إلى الامتناع عن أساليب المماطلة الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية.
وقال باتيلي: تدرك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن العناصر في القوانين الانتخابية والقضايا المرتبطة بها تتطلب قبولا ودعما من مجموعة واسعة من المؤسسات الليبية وممثلي المجتمع المدني – بما في ذلك النساء والشباب – والأطراف السياسية والأمنية الفاعلة كي يتسنى إجراء انتخابات شاملة وذات مصداقية وناجحة، وبناء على ذلك ستواصل البعثة العمل على جميع المؤسسات الليبية المعنية، ما يعد نسخا لجهود لجنة 6+6 وإعادة للحوار الليبي إلى المربع الأول.
مقترح مستشار الأمن القومي
وأمام ما يحدث، قدم مستشار الأمن القومي إبراهيم بوشناف مقترحا، لحل الأزمة الدستورية في ليبيا، وعرضه على الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة عبدالله باتيلي، وفق ما أعلنه عبر صفحته على فيسبوك.
ويقضي مقترح بوشناف، لحل الأزمة الدستورية القائمة في ليبيا، بالتعاون بين مجلس الأمن القومي والهيئة التأسيسية وخبراء البعثة الأممية لدى ليبيا، لصياغة مشروع الدستور.
واقترح بوشناف، في رسالة بعث بها إلى باتيلي تشكيل فريق عمل من مجلس الأمن القومي الليبي، وخبراء البعثة الأممية مع الهيئة التأسيسية، لصياغة مشروع الدستور، وذلك لإقرار التعديلات الدستورية المطلوبة على مسودة الدستور المعتمدة من الهيئة.
ويتضمن المقترح عرض المسودة بعد تعديل النقاط الخلافية فيها على الاستفتاء العام، بعد أخذ الإذن بذلك من مجلسي النواب والدولة.
ويرى مقترح بوشناف أيضا إمكانية تأجيل الاستفتاء، واعتماد النسخة المعدلة للدستور من طرف مجلس النواب ومجلس الدولة بالاشتراك مع الهيئة التأسيسية، لصياغة مشروع الدستور كدستور مؤقت لليبيا لعشر سنوات، ثم يجري التعديل أو تأسيس دستور جديد للبلاد.
وأشار بوشناف إلى أن مجلس الأمن القومي الليبي كلف فريق عمل بدراسة المسودة التي أصدرتها الهيئة التأسيسية المنتخبة والمكلفة بوضع دستور دائم للبلاد، ودراسة المخاوف وأوجه الاعتراض من بعض مكونات المجتمع، وتحديد المواد التي يمكن تعديلها، حيث جرى اقتراح تعديلها وفقا لـمسودة اتفاق القاهرة بين مجلسي النواب والدولة.
وأعرب بوشناف عن ثقته في أن تتجاوب الهيئة الدستورية مع مطالب تعديل بعض المواد من منطلق توجهات أعضائها الوطنية، وحرصهم على الاستفتاء على الدستور في أسرع وقت ممكن.
وشدد بوشناف في مقترحه على ضرورة العمل على وضع دستور دائم للبلاد، للمباشرة في تأسيس الدولة ومؤسساتها، وتنظيم العلاقات الدستورية والقانونية، وضمان الحقوق والحريات، وتحقيق الركائز الأساسية لبناء هياكل الدولة، وصولا لمنح الشرعية والمشروعية والصفة القانونية لعمل المؤسسات.
وشكك محللون في أن مقترح بوشناف يعبر عن جدية في الخروج من الأزمة والبحث في مخرج يهدف إلى إرساء قاعدة قانونية تنهي حالة الانسداد والجنود في العملية السياسية وتجاوز الأزمات التي ساهمت في المراحل الانتقالية، وذلك يعتبر وقتا مستقطعا بدل الضائع لإطالة وإدامة عمر الفوضى.