مقالات الرأي

تحرير الاجتهادمن سلطة الاحتكار

ناصر سعيد

الإسلام دين سماوي، ورسالته القرآن الكريم، جاء كنعمة من الله للناس لتوجيههم إلى الحق والصواب، وبمرور الوقت، ظهرت مذاهب وفرق داخل الإسلام، ويعود ذلك إلى الاختلاف في التفسير والاجتهاد في فهم الدين واستخدامه وتطويعه للحكم والسياسة.
فمن الأمور الهامة التي يجب النظر إليها عند دراسة المذاهب الإسلامية هو أن الإسلام يعتبر دينًا شاملاً ويحتوي على توجيهات وأوامر ونصوص تشمل جميع جوانب الحياة، بما في ذلك العقيدة والشريعة والأخلاق والمعاملات والسياسة والاقتصاد والعلوم والفنون وغيرها، فما الحاجة إذن إلى الاختلاف؟ هل لأن الإسلام متشدد أم أن من قام بالتفسير متطرف؟
تعدد المذاهــب الإسلاميــة يبــين حجــم الاجتهــاد والاختلاف في الفهم والتفسير رغم وحدة المصدر وهو القرآن الكريم، مما أدى لظهور الانقسام بين المؤمنين حول المذاهب وتحوله إلى هوية.
الإيمان بالقرآن الكريم والسنة النبوية الفعلية هو الأساس الذي يجب الالتزام به، بغض النظر عن المذاهب، فالإسلام يحث على الاجتهاد والتفكير والبحث، ويشجع المسلمين على الاستفادة من مصادر التعليم الإسلامي المتاحة والتفكير بشكل مستقل، ويجب علينا جميعًا أن نسعى جاهدين من خلال التدبر في آيات الكتاب الحكيم، وبعيدا عن طبقة “رجال الدين” التي أصبحت مهمتهم توزيع صكوك الغفران.
وأشير هنا إلى ما كتبه الدكتور مصطفى الزائدي حول هذا الموضوع “من يدعون أنهم رجال للدين وينصبون أنفسهم أوصياء عليه يهدمون الإسلام ويشتتون المسلمين، استنادا إلى تراث إسلامي مشكوك فيه، كتب بعد قرون من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرجه وقدمه لنا مستشرقون حاقدون دسوا فيه ما دسوا من أكاذيب، وكان ذلك في أغلبه أثناء الحملات الصليبية على بلاد العرب والمسلمين”.
لقد استغل أولئك جهل العامة بأمور الدين، وطمع السلاطين الذين تعاقبوا على حكم البلدان العربية والإسلامية في فترات انحطاط مظلمة من التاريخ.
اليوم بعد أن صارت المعرفة متاحة نتيجة التقدم في وسائل التواصل، وأصبح تمييز الحق من الباطل متيسرا، المسؤولية تقع على الجميع لرفض التمذهب والدعوة لإسلام بلا مذاهب ولا فرق، والوقوف ضد طغيان الأوصياء على الدين وإعادة تقديم الإسلام، دين الرحمة للعالمين.
ليكن شعارنا، كلنا مسلمون نؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر، لا نفرق بين رسله، ونقيم الدين كما جاء في القرآن الكريم، وأن نترك عنا ما جاء في التراث المشوه، لأنه في أغلبه ضار بالإسلام، وبعضه سم مدسوس، فلا مبرر أن نتبع قولا مشكوكا فيه كتبه بشر، ونقل بطرق مشكوك فيها، وترك كتاب الله الذي وصلنا كما أنزله الله سبحانه وتعالى، “لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه”.

زر الذهاب إلى الأعلى