مقالات الرأي

انتخابات مفروضة مرفوضة!انتخابات بنية التزوير المسبق!!

مصطفى الزائدي

رغم قناعتي التامة بأن الانتخابات ليست وسيلة مثلى لتمكين الشعوب من إدارة أمرها بحرية وديمقراطية، ففيها كلام كثير وطويل، وللناس الذين جربوها وتنازلوا عن أصواتهم طوعا مقابل صمتهم طويل الأجل ولتمكين نواب عنهم عادة ما يخلفون العهود ويخونون الأمانة، ولو كانوا صادقين فمن العسف والظلم تحميلهم مسؤولية تمثيل الجميع المختلف والمتناقض، بل يستحيل قيامهم بذلك!
في ليبيا يطالب كل من في المشهد بالانتخابات رياءً!!.. ويسعى لها جميع الراغبين بالتفرد بإرادة الشعب طمعا، وتعمل الدول الوصية على فرضها مكرهةً!
الحقيقة لا أحد من الأطراف الخارجية والمحلية يريد إجراء انتخابات في ليبيا، رغم تبجحهم بغير ذلك، خوفا من نتائجها التي قد تكون مرعبة لكل من في المشهد!
في 2021 وبعد جدل وشد وجذب ومماطلة كانت الانتخابات قاب قوسين أو أدنى، لكن قوة قاهرة رفعت يد الفيتو، فصارت هباء منثورا، وألقي بالبطاقات الانتخابية وآلاف المترشحين للبرلمان ومئات الطامحين في الرياسة ومن زكاهم حقيقة أو زورا، وأحكام المحاكم الابتدائية والاستئنافية في سلال المهملات، وكأن شيئا لم يكن!!
اليوم ينتظر الليبيون، متسائلين، هل ستجرى انتخابات قبل نهاية هذا العام حسب ما يتسرب من أقوال عبد الله باتيلي، أم أن الأمر ليس سوى لعبة لكسب مزيد من الوقت وتمطيط الوضع القائم؟
لنعود إلى الانتخابات، نظريا هي آلية ديمقراطية يختار فيها الناس بحرية وشفافية وبمساواة تامة من يمثلهم في إدارة الدولة، يفوضونه في كل أمورهم! وهي بهذا التعريف لا تحتاج إلى ضوابط معقدة ولا إلى قوانين مبتدعة! كل ما تحتاجه إجراءات بسيطة لضبط الترشح والتصويت!
قوانين الانتخابات في كل الدول التي تمارس الديمقراطية بنموذجها السائد ليست محل اختلافات واسعة، بل دائما محل توافق، وهي نسخ من بعضها البعض!
فلماذا عندنا هذا القدر من الضجيج والصراع حول قانون الانتخابات؟
بالنسبة لي وربما لكثيرين، القصد هو رفض الانتخابات من خلال تعقيد إجراءاتها وتفخيخها من خلال نصوص تعمل كقنابل موقوتة!
لو صدقت النوايا لإجراء انتخابات، فما الذي يمنع ذلك؟ خاصة أنه سبق وأن أجريت انتخابات في 2012 و2014 وفق قوانين إقصائية وفرضت نتائجها على كل من حب ومن كره!
كيف نتصور انتخابات حقيقية مفصلية تؤدي إلى بناء سلطة تعكس إرادة الليبيين وقوانين إجرائها تطبخ، وتخضع للمساومات المحلية والخارجية وللبيع والشراء؟
إن ما يجري محاولة لإجراء انتخابات صورية بنية مبيتة للتزوير، حتى لا يتمكن الشعب من انتخاب أدوات تشريعية وتنفيذية تعكس إرادته وتخدم مصالحه!
ما تسرب عن مفاوضات بوزنيقة حول قانون الانتخابات يبين ذلك، فوضع شروط تفصل لغرض استبعاد بعض الناس، وابتداع وسائل استبعاد بعد مراحل الانتخابات الأولى، والزج بالقضاء في شأن سياسي محض، تعني أن فكرة النزاهة والشفافية معدومة من الأساس!
لو خلصت النوايا حول الانتخابات لدعي الناس مباشرة إلى عملية انتخابية فورية دون شروط مجحفة، عدا عدم أهلية المترشحين العقلية والجنائية، ويترك للشعب أن يختار ما يناسبه!
بالنسبة لي الانتخابات إن أجريت هي مجرد حلقة من حلقات إدارة الأزمة بأيادٍ أجنبية، ولإضفاء شرعية مرحلية على الوضع الراهن!
الحل الجدي يكمن في حراك شعبي وطني تقوده النخبة السياسية الوطنية والقيادات العسكرية والأمنية، وبناء قوة مسلحة عسكرية وأمنية تفرض الأمن والاستقرار وتضمن استقلال القرار الوطني وتحمي إرادة الشعب!

زر الذهاب إلى الأعلى