مقالات الرأي

سوريا وموقف القمة العربية

عبد الله المقري :

مثلت عشرينيات المشهد العربي الأسوأ في تاريخ الوطن العربي ما بعد الاستقلال عن الاستعمار البريطاني والفرنسي والتبعية للإمبريالية الأمريكية والاستيطان الصهيوني في الأرض العربية في فلسطين بصحوة عربية ثورية شعارها الحرية والوحدة العربية وبناء وطن عربي لأمة عظيمة يكون لها دور ريادي إقليمي ودولي، سيما ظهور ثروات نفطية تساهم في القضاء على الفقر، بالإضافة إلى ثروات ضخمة وموارد طبيعية تغطي خريطة احتياجات الوطن العربي من الغذاء والثروة السمكية، وكان بالإمكان أن يحدث تكامل اقتصادي وصناعي يحقق الرخاء والرفاهية للأقطار العربية وبشكل فعال ومتكامل، للأسف كل طموحات المواطن العربي اقتربت من الإحباط بحروب الخليج الأولى والثانية وخرجت العراق من المعادلة العربية إلى التدمير والسقوط في الفوضى بفعل التدخل الخارجي بقيادة أمريكا والتحالف الدولي، ومع مؤامرة الربيع العربي تلحق سوريا في فخ المؤامرة وتنظيم دول الخليج العربي إلى أداة تنفيذ أساسية بدعم ضرب سوريا والمشاركة مع تركيا والغرب بقيادة أمريكا وكل الإسلام السياسي العربي بقيادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في استهداف الجيش العربي السوري والدولة السورية والجغرافية السورية بالعدوان، وتغطي دول الخليج وبعض الدول العربية التي سيطر على نظامها السياسي “الإخوان المسلمين” في هذا العدوان المستمر.
والكارثة التي لحقت بالوطن العربي وبالإجماع العربي في حده الأدنى هو سقوط ليبيا في مؤامرة دولية أسقطت النظام السياسي ودمرت الدولة الليبية، وتحول فيها المشهد إلى فوضى عارمة مظهره تعدد الميليشيات المسلحة بما فيها ذات الأيدولوجية الإسلامية الإرهابية والجهوية، وتحولت البلد بفعل حشد العدوان الأطلسي والتحالف الدولي إلى كارثة ساهمت الأقطار العربية بالأساس في هذا العدوان وهذه الفوضى، واليوم بعد محاولات محتشمة تعود سوريا إلى المكون العربي ولو بهزال تنظيمه ورداءة فاعليته في ظل تأثير وغياب القيادة العربية الوحدوية الفاعلة في الوجود السياسي والاقتصادي العربي، وحضور الرئيس العربي السوري بشار الأسد اجتماع القمة العربية في جدة بعد عشر سنوات من التآمر من قبل دول الخليج وغيرها على سوريا وسقوطها في الفوضى يدل على ندم هذه الدول في انجرارها لزعامة الغرب بقيادة أمريكا في التآمر على سوريا وجيشها العربي وقيادتها العربية بالتصدي للسياسات الاستعمارية على الوطن العربي، وبذلك تجر الجامعة العربية الهزيمة في أن النظام السوري هو على الحق السياسي والقومي البطل العتيد والمناضل والمتصدي للعدوان التركي والأمريكي وتنظيم الدواعش الإرهابي وغيره من التنظيمات الإسلامية الإرهابية التي مدت يدها في التآمر على سوريا والعراق بدعم خارجي، فهل تصمد الجامعة العربية في قدرتها على الصمود أمام محاولة قطر بجرها من جديد في التآمر على سوريا وليبيا والعراق وتهديد استقرار وأمن تونس من أجل دعم تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيماته الإجرامية والتي اتخذت من الفقه الإسلامي مشروعا ظلاميا لضرب وحدة العرب ومشروعهم في بناء أمة موحدة تنتهج التقدم والأمن والسلام وبناء مجتمع عربي يؤمن بالحرية وحقوق الإنسان ويؤمن بالاختيار الديمقراطي في إدارة الدولة سياسيا واقتصاديا ومعرفيا.

زر الذهاب إلى الأعلى