سدوا الخلل
فتحي الزياني :
عندما تتاح الفرصة للإنسان ويرى الحشود الإسلامية لهذه الأمة العظيمة، ويرى الجموع مشدودة في الحرم الشريف أو في المدينة المنورة لاتجاه واحد هو القبلة التي ارتضاها لنا الله سبحانه وتعالى، بأكتاف متراصة خاشعة للواحد القهار لا فرق بينها، ينتابه شعور لا يمكن وصفه لعظمة هذه الأمة العربية الإسلامية، وتظل هذه الصورة عالقة بالأذهان كلما حان وقت الصلاة لأداء الفريضة، وينتبه لصوت الإمام وهو يردد استووا اعتدلوا سدوا الخلل.. هل ندرك المعاني لهذه الكلمات، أم أنها من لوازم أداء الوقت، وتنتهي عقب الخروج من المسجد أم أن الاعتدال والاستواء وسد الخلل ملزم لنا في كل تصرفاتنا في حياتنا اليومية؟
إن الاعتدال والاستواء وسد الخلل هو خشوع للواحد الأحد، ولا يمكن أن يكون الخشوع بمضايقة المصلين بالأيدي أو بالأرجل لتحويل بؤرة الانتباه والخشوع لغير الرحمن الذي نقف بين يديه في اعتدال وخشوع واطمئنان، وأن نعمل على سد كل خلل في حياتنا اليومية، بدءا من الاهتمام بالنظافة ودفع الضرر والتكاتف والتعاون لرفع كل معاناة البشر في هذه الأمة والتراص ضد كل ما يعرض حياة المؤمنين للخطر في كل بقع أرضنا فإنه لا يمكن سد الخلل ونحن في شتات والعدو يدنس الأراضي العربية والإسلامية، يقتل ويشرد الأبرياء، ويحتل الأرض، ويهجر أهلها ويعيث فسادا في الأراضي المقدسة.
لا يمكن أن يسد الخلل والمسلم يقاتل المسلم متناسيا كل الأعراف والقيم، لا يسد الخلل إلا بتكاتف المسلمين لعلها خطوة للتكاتف بتقارب السعودية وإيران ومصر وتركيا.
لماذا لا تكون الدول العربية والإسلامية في صف واحد، إن الأردن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين في تكتلها قوة رائعة، وإن المساس بأي منها هو مساس بجمعيها.
إن السعودية واليمن وكل دول الخليج العربي تساند بعضها وتدعم بعضها، فلا يتجرأ أحد على تهديد أمنها، وإن مصر وليبيا والسودان إذا ما اتفقت على أن تساند وتدعم بعضها وتدفع الضرر عن كيانها فإنها قوة مؤثرة في محيط أمتها.
إذا ما ساندت كل من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والجزائر ووحدت كلمتها فهي دعم للأمة، إذا ما تكاتفت فسنجد الأمة الإسلامية سندا لها تصد العدو، وحديث الرئيس التونسي حول “أن كلمة تطبيع لا توجد في قاموس بلادنا” هذا ما يجب أن تصطف عليه كل الأمة، وأن على هذه الأمة أن تأخذ الدروس من مساندة الغرب لأوكرانيا لتقف وقفة جادة مع الشعب الفلسطيني لمواجهة الغطرسة الصهيونية، فالأمة العربية تمتلك من القدرات والإمكانيات ما يمكنها من أن تكون في صفوف الدول المتقدمة الحضارية إلا أنها في حاجة إلى تكامل اقتصادي وسياسي ووحدة الرأي والكلمة وأن تتعامل بالعملة المحلية بينها لتوازي العملات الأجنبية بما يكفل حماية مقدراتها وثرواتها للحفاظ على أمنها واستقرارها، وما على الحكام العرب إلا أن يستمعوا إلى مناداة المواطن العربي.
يا عروبة عار عليكم… صهيوني يدنس أراضيكم
فهل لنا أن نسد الخلل بوحدة متكاملة تحقق أحلامنا وتبني مستقبلا زاهرا لأبنائنا.