مقالات الرأي

اغتيال مدينة

عفاف الفرجاني :

من المؤسف جدا أننا عندما نتحدث عن العنف ضد النساء في ليبيا في الوقت الراهن يذهب بك التفكير مباشرة إلى مدينة الزاوية، فرغم أنه لا يوجد مكان واحد يمكن أن نصفه آمنا لهن، إلا أن هذه المدينة تصدرت قائمة المدن، فاليوم يمكننا الجزم حتى ارتياد المدارس وأماكن العمل صارت من أكثر الأماكن في المدينة خطورة على النساء، فالحالات والأرقام التي تظهر لكم على مواقع التواصل الاجتماعي متسارعة وبشعة.
إن كثيرا من النساء لا يتقدمن ببلاغات أو شكاوى قانونية خوفا من الانتقام ومن إقصاء المجتمع، أصبح العنف ضد المرأة في هذه المدينة وبشهادة بعض من نسائها لا يقتصر على الغريب فقط، فحتى بعضهن يعنفن داخل بيوتهن على أيدي إخوانهن وآبائهن من المرتبطين بالميليشيات المسلحة متعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة، ولا يتجرأن على الحديث حول هذه الانتهاكات بين أقاربهن ما بالك نطالبهن بالسعي إلى طلب النجدة من الجهات الأمنية!!!
والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذه الدائرةً.
هذه الحالات تحولت إلى ظاهرة تجاوزت العنف اللفظي والاختطاف ووصلت الى الاختفاء والقتل والتمثيل وتمزيق الأوصال إلى جانب العنف الجنسي، فجل جرائم القتل المرعبة للنساء الشائعة في الزاوية، هي مرتكبة من قبل أشخاص نافذين في المدينة، أمثال أمراء الميليشيات المسلحة.
آخر فضيحة ارتكبت وأنا أكتب هذا المقال ولا أدري لحين نشره كم سيدة ستواجه مصير الأخت التي تستغيث طالبة جرعة ماء ودماء زوجها المغدور تملأ الغرفة لفيديو مسرب من أحد المجرمين وسط ضحك وسخرية بالضحية، لا تقل عن تلك الحادثة حينما استفاق سكان المدينة على وجود جثة لسيدة ملفوفة بغطاء على قارعة الطريق تظهر عليها آثار الاعتداء، في حفلة اغتصاب جماعي حدده الطبيب الشرعي بعد الكشف عن المغدور بها.
ولسوء الحظ لا توجد بيانات رسمية حول هذه الجرائم باعتبار أن مدينة الزاوية تمر بأزمات معقدة على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية، فسياسيا تناحر حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية على السلطة هي وبعض الميليشيات المسلحة المحسوبة على نفسها رافضة الانطواء تحت مظلة ميليشيات الحكومة، حيث تم استغلال الوضع الأمني الراهن باستعانة الدبيبة بالطيران التركي لتصفية خصومه السياسيين خلف كذبة مكافحة الجريمة، وهذه تعد جريمة أخرى تضاف إلى جرائم الحكومة، لو أن هناك نوايا صادقة تجاه هذا الوضع المأساوي كان على الدبيبه التوجه إلى الزاويةً بقوة أمنية محسوبة على حكومته مثل جهاز دعم الاستقرار وقوات ما تعرف بالردع وما تعرف بقوة 444 وباقي التشكيلات المسلحة لمحاصرة أوكار الجريمة، إلا أن قدر هذه المدينة أن تعيش بين مطرقة المخدرات والهجرة غير الشرعية والقتل وسيطرة العصابات المسلحة وسندان مافيا الحكومة المستفيدة من هذا الوضع، والخاسر الوحيد المدنيون في مدينة الرعب.

زر الذهاب إلى الأعلى