ملفات وتقارير

“الموقف الليبي” تتابع ملتقى القيادات السياسية الوطنية لمناطقالساحل الغربي والجبل الغربي وباطن الجبل بمدينة الجوش

انعقاد الملتقى يأتي في إطار المحاولات الجادة للمشاركة في التوافق على رؤية وطنية تساهم في إخراج ليبيا من أزمتها السياسية التي تعيشها منذ 12 سنة

متابعات – منيرة الشريف
عقدت القيادات السياسية الوطنية بالساحل الغربي والجبل الغربي وباطن الجبل، السبت الموافق 27 مايو 2023م بمدينة الجوش، ملتقى تحت شعار “من أجل المشاركة في إيجاد رؤية وطنية لمعالجة الأزمة الليبية”، وذلك إيمانا بما تحتاجه ليبيا من جهود كل أبنائها من القيادات الوطنية المخلصة للمساهمة في إخراجها من أزمتها السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية بالطرق السلمية بعيدا عن التوجهات السياسية ودون دعم أو تدخل أجنبي.

انطلاقًا من الاجتماع التأسيسي الذي عقد بمدينة سرت خلال شهر مارس 2023 وما نتج عنه من قرارات بشأن العمل على عقد ملتقيات في كافة المناطق داخل الوطن تستهدف النخب السياسية وذلك من أجل الاتفاق أو التوصل إلى رؤية وطنية تساهم في إخراج بلادنا من أزمتها الخانقة والدفع نحو انتخابات حرة بإرادة الليبيين بدون تدخلات خارجية.
وبناء على ماتم الاتفاق عليه في اجتماعات لجنة المتابعة مع اللجان التحضيرية في شهر أبريل الماضي والذي اتفق فيه على البدء في عقد الملتقيات بالمناطق ، فقد عقد اجتماع تحضيري يوم 14 مايو 2023، بمدينة الجميل، حضرته وفود من عدة مناطق من الساحل الغربي والجبل الغربي وباطن الجبل، وهي: صرمان، صبراتة، العجيلات، الجميل، زوارة، رقدالين، زلطن، الجوش، بدر، تيجي، الحوامد، الغزايا، وازن، الحرابة،البدارنة، طمزين، تندميرة، كاباو، المجابرة، أولاد محمود، أولاد طالب نالوت، غدامس، درج، سيناون.
وبدأت اللجنة التحضيرية في الإعداد والتواصل مع كافة القوى السياسية في المناطق، وتم الاتفاق على عقد الملتقى يوم 2023/5/27، بمدينة الجوش، واستمر العمل والتنسيق والترتيبات واستلام قوائم المستهدفين لحضور هذا الملتقى واختيار أفضل العناصر السياسية للمشاركة.
وفي يوم السبت الموافق 27 مايو 2023، كان الجميع في الموعد بمدينة الجوش، حيث عقد الملتقى بمشاركة كافة المناطق التي حضرت اجتماعات التنسيق الأول في مدينة الجميل، حيث حضر هذا الملتقى شخصيات سياسية مرموقة لها تاريخها السياسي في المنطقة، والبعض منها لها مكانة اجتماعية كبيرة، حيث حضر قرابة 270 شخصية يمثلون 25 منطقة، كما شارك بالملتقى أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب بالجوش.
افتتحت أعمال الملتقى بآيات من الذكر الحكيم، للشيخ الشريف النطيط، ثم ألقى منسق اللجنة التحضيرية للملتقى رمضان شليق كلمة رحب فيها بالمشاركين، وتعرض في كلمته للوضع السياسي في ليبيا والأزمة التي تمر بها بلادنا، وللدور السلبي الذي يقوم به المجتمع الدولي في إدارة الأزمة الليبية.
وطالب شليق الشعب الليبي بالتماسك والتآخي والتحالف في تيار وطني يعمل على إسقاط المؤامرة، وإعادة بناء ليبيا الجديدة، وكذلك دعا إلى الضغط على البعثة الأممية بضرورة إشراك كافة القوى الوطنية في العملية السياسية دون إقصاء أو تهميش، وإقامة تحالف وطني يعمل على إعادة إنتاج سلطة وطنية تمتلك إرادتها الوطنية.
بدوره قدم الدكتور عبدالحكيم زامونة ورقة عمل حول الأزمة الدستورية التي تمر بها ليبيا وسبل الخروج منها، وتعرض زامونة للعيوب التي تشهدها الحالة الدستورية والتشريعية الليبية، وخاصة مايسمى بالإعلان الدستوري.
وتحدث الأستاذ خليفة النمري باسم مناطق الساحل الغربي، وأعرب في كلمته عن رأي القوى الوطنية في التحالف، ودعا كافة الشرائح للانضمام إلى هذا الملتقى وتشكيل كتلة شعبية قوية لإعادة الوطن.
بدوره رحب الشيخ عبدالناصر علاق في كلمة له عن مناطق غدامس بالحاضرين، مقدما الشكر للقائمين عليه، وأبدى استعداد القوى الوطنية في مناطق غدامس على تطوير العمل بما يعود على الوطن بالخير والاستقرار.
كما تحدث الأستاذ علي محمد البركوس عن مناطق باطن الجبل، قبائل الصيعان وأولاد طالب، وأكد استعدادهم لتطوير هذا الملتقى، كما دعا كل القوى الوطنية والسياسية للانضمام إلى هذا العمل التاريخي المهم.
من جانبه ألقى الأستاذ معمر مسعود الطمزيني كلمة باسم مناطق الجبل الغربي، أشار فيها لأهمية اللقاء قائلًا: إن هذا اللقاء مهم جدّا يعمل على إعادة ترتيب الصف الداخلي ويهدف لتقوية اللحمة الاجتماعية والسياسية في المنطقة.
بدوره أكد الأستاذ وسام خليفة بن حسين، في كلمة له باسم شباب زوارة، على استعداد الشباب ومنطقة زوارة للمشاركة الفاعلة في إعادة الاستقرار والأمن والتآخي بين كل المكونات في ليبيا.
وتحدث الأستاذ امحمد احطيط من مدينة تيجي، مطالبًا بضرورة الحرص على نتائج هذا المؤتمر وتطوير العمل والضغط من خلال إخراج الشعب في مظاهرات واعتصامات تطالب برحيل كل الأجسام منتهية الصلاحية والسماح للشعب الليبي بالانتخابات الحرة.
كما تحدثت المستشارة ناجية عياد العطراق من مدينة الزاوية، وطالبت بضرورة الحرص على تنفيذ نتائج هذا المؤتمر وتطوير هذا الملتقى وإيجاد آلية للتواصل الدائم.
وفي تصريح خاص لصحيفة “الموقف الليبي” قالت المستشارة ناجية عياد العطراق:
كان لي شرف المشاركة في فعاليات الملتقى المنعقد بمدينة الجوش للقيادات السياسية الوطنية من أجل إيجاد رؤية وطنية لحلحلة الأزمة الليبية.
وأضافت: جمع هذا الملتقى ثلة من القيادات السياسية والاجتماعية المهتمة بالشأن السياسي والقانونيين من مختلف مناطق الساحل والساحل الغربي وباطن الجبل.
والجميل في الأمر أن هذا الملتقى قد جمع معظم المكونات الثقافية ومختلف الأجناس والفئات العمرية بحيث ضم الشباب والنساء.
ونافش الحاضرون أبرز مفاصل الأزمة الليبية وخرجوا بتوصيات لعل أهمها ضرورة إجراء الانتخابات، إلا أن السؤال كيف للانتخابات أن تتم في ظل الانقسام السياسي والأمني؟
وتابعت: من ضمن المبادرات لحلحلة الأزمة تأسيس جسم اجتماعي سياسي يتولى وضع قاعدة دستورية.
وطالب بعض المشاركين في الملتقى بضرورة إيجاد آلية للتواصل مع هذه النخبة السياسية وتطوير العمل معها وذلك بتشكيل لجنة تنسيق تتكون من 8 أعضاء موزعين على كافة المناطق، إضافة لاختيار عنصر نسائي يكون في هذه النخبة.
محددات ورؤية القيادات السياسية الوطنية لحل الأزمة:
أولاً: الحالة السياسية والأمنية والاجتماعية وما آلت إليه الأوضاع في ليبيا:
الأزمة الليبية هي نتاج للتدخلات الأجنبية التي صادرت القرار السياسي الليبي لخدمة مصالحها واعتمدت في سبيل ذلك على مجموعات محلية عميلة تدور في فلكها وتنفذ أجندتها، وارتهان قرارات وسياسات الحكومات المتعاقبة لها، والتي ساهمت في تنصيبها لتعمل وفقاً لمصالحها.
يتسم المشهد الليبي بالانسداد السياسي مع تشبث مجموعات معينة بالنفوذ والسلطة بقوة السلاح والترهيب مما يساهم في سرعة انزلاق البلاد للمجهول.
عبثية المجتمع الدولي في معالجته للأزمة الليبية وفشله في تقديم خارطة للحل واعتماده على تنظيمات دولية مشبوهة في إدارة الأزمة مثل مركز الحوار الإنساني -جنيف.
إصرار بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على فرض توجه سياسي معين رغم فقدانه القاعدة الشعبية، وتواطؤ البعثات المتعاقبة مع القوى التي تحاول إجهاض بناء جيش وطني قوي.
تنامي مخاطر التقسيم وتوطين الأجانب مما سيؤدي إلى تغيير الجغرافيا السكانية للبلاد.
تغول التشكيلات المسلحة واستعانتها بالمرتزقة وهيمنتها على مفاصل الدولة على حساب المؤسستين العسكرية والأمنية.
انتشار الفساد والرشى والمحسوبية وخاصة في القطاع الحكومي واستباحة المال العام وانتشار الجريمة المنظمة والتهريب بجميع أشكاله، بالإضافة للنهب الممنهج لثروات ومقدرات الليبيين من قبل الدول الأجنبية المتداخلة في الشأن الليبي.
صعوبة الظروف الحياتية والاجتماعية التي يعيشها المواطن بسبب انهيار قطاع الخدمات الصحية والتعليمية والانهيار الاقتصادي، والتوقف التام للإنتاج.
عبثية التصرف في الأموال العامة واستمراء الإنفاق الحكومي بدون ضوابط مالية وخارج نطاق الرقابة التشريعية وبدون ميزانيات عمومية، وربط إنفاق الدولة بترتيبات مالية ركيكة تضعها سفارات الدول المتداخلة في الشأن الليبي، مما ساهم في تنامي عمليات الاختلاس وإهدار المال العام وانتشار الفساد في الحكومة ومؤسساتها.
انعدام الأمن وعرقلة بناء المؤسستين الوطنيتين العسكرية والأمنية على أسس مهنية وحرفية.
ثانياً: الثوابت الوطنية والمبادئ الحاكمة
التوافق على ثوابت وطنية يتفق عليها جميع الليبيين تكون ركيزة لبناء مشروع وطني للإنقاذ، تفرض على القيادات السياسية الوطنية ضرورة وضع محددات فكرية وسياسية يمكن إيجازها في الآتي:
ثوابت لهوية الدولة وسيادتها.
التركيز على أن ليبيا دولة واحدة، المواطنة فيها قاعدة للمساواة بين الليبيين، وأساس يستمدون منه حقوقهم وواجباتهم بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والثقافية والاجتماعية، وأن ليبيا دولة عربية إسلامية لغتها اللغة العربية.
ثوابت للنظام السياسي والدستوري.
التأكيد على مدنية الدولة بنظام حكم لامركزي، المواطنة فيه أساس للممارسة السياسية والمشاركة في الحياة العامة، كما أن النزاهة والكفاءة والجدارة تمثل المعايير الرئيسية لتقلد الوظائف العامة، واحترام الحريات الشخصية التي لا تتنافى مع الدين وثقافة وأعراف المجتمع الليبي.
ثوابت للأمن الوطني.
القوات المسلحة أداة الدفاع عن البلاد وحفظ أمنها وسلامة أراضيها، والأجهزة الأمنية أداة للمحافظة على أمن المواطنين وممتلكاتهم، وحماية المرافق العامة، وتقوم السياسة الخارجية على مبدأ تأكيد سيادة وهيبة الدولة واستقلالها والدفاع عن مصالحها.
ثوابت للاقتصاد الوطني.
تكون في إطار بناء نظام اقتصادي متطور يحقق التنمية المستدامة والتكافؤ والمساواة بين المواطنين، وفتح مجالات المنافسة، والمشاركة بين القطاعين العام والخاص، فضلاً عن الحفاظ على الثروات العامة وحسن استغلالها، وضمان الملكية الخاصة، كما تكفل الدولة مسؤولية رعاية المحتاجين وذوي الدخل.
ثوابت للقضاء والعدالة.
تكمن في المحافظة على استقلالية القضاء وحظر التدخل في شؤونه باعتباره الضامن للحريات وأداة لاستيفاء الحقوق، وتجريم العقوبات الجماعية وتقييد الحرية خارج إطار القانون.
ثوابت اجتماعية وثقافية.
التأكيد على أهمية الأسرة في المجتمع وضبط علاقات الزواج وفقاً للشريعة الإسلامية، والتركيز على دور المرأة في المجتمع ومنح فرص أكبر للشباب لاستغلال طاقاتهم في إعادة بناء الدولة، وصياغة منهجية متطورة للحفاظ على التعليم والصحة كحق تكفله الدولة لجميع المواطنين بالتساوي، كما تساهم في بناء إعلام وطني مستقل يتضمن تجريم التمويل الخارجي للإعلام المحلي.
ثالثاً: ملامح خارطة الطريق.
إن الحل الأمثل لمعالجة الأزمة الليبية يتمثل في إجراء انتخابات حرة نزيهة يشارك فيها الجميع دون أي قيود بمنأى عن سياسات الإقصاء والتدخلات والوصاية الأجنبية، وبالنظر لصعوبة تنفيذه على الأرض بسبب الانقسام السياسي والتدخلات الخارجية وسيطرة المجموعات المسلحة على مفاصل الدولة وارتهان قرارها السياسي، فقد يكون الحل في عقد مؤتمر تأسيسي، يشكل إما بالانتخاب المباشر أو بالتوافق بين الأطراف السياسية يتولى إدارة مرحلة تمهيدية تهيئ لمرحلة دائمة تنتج عنها انتخابات عامة وتنظم وفق دستور يتوافق عليه الجميع.
توصيات الملتقى
– التأكيد على وحدة التراب الليبي ولا تقبل الانقسام في مؤسسات الدولة فلا قيادة لغير الليبيين ولا تبعية لغير ليبيا ورفض توطين الأجانب في ليبيا.
– التأكيد على منح الفرصة لليبيين لإيجاد حلول للأزمات الليبية المتعاقبة والبعد عن عبثية المجتمع الدولي في معالجة الأزمات باعتباره فشلا في تقديم خارطة للحلول واعتماده على التنظيمات المتعددة المشبوهة.
رفض وجود أي مظاهر مسلحة إلا من خلال المؤسسة العسكرية والأمنية النظامية.
– التأكيد على محاربة الفساد والرشوة والمحسوبية واستباحة المال العام ومكافحة انتشار الجرائم المنظمة.
– التأكيد على مدنية الدولة والمواطنة حق أساسي لكل مواطن وله الحق في ممارسة السياسة والمشاركة في الحياة العامة.
– التأكيد على بناء نظام اقتصادي متطور يحقق التنمية المستدامة والمساواة والعدالة بين المواطنين.
– التأكيد على استقلالية القضاء وعدم التدخل في شؤونه من أي جهة كانت.
رفض كافة أنواع وأشكال الوجود الأجنبي في ليبيا.
– التأكيد على الهوية الليبية واحترام الموروث الثقافي لكل مكونات المجتمع الليبي وترسيخ عقيدتنا الإسلامية واعتبار النسيج الاجتماعي الليبي وحدة واحدة، ونبذ كل ما يدعو للتفرقة من خلال العمل على تحقيق المصالحة الوطنية.
المدن الليبية واحدة من حيث الاعتبار فلا تهميش أو اختزال لأي منها.
الثروة الليبية حق لكل الليبيين توزع بالعدل بما يضمن تحقيق تحول المجتمع من الاستهلاك إلى الإنتاج.
– التأكيد على حق كل الليبيين في ممارسة حقوقهم السياسية في الترشح والانتخابات دون إقصاء أو تهميش لأحد مع الإسراع في إنهاء حالة الانقسام السياسي للخروج بجسم رئاسي وتشريعي واحد يمثل كل الليبيين.
في حالة فشل كل المحاولات بشأن إجراء الانتخابات فإننا ندعو إلى عقد مؤتمر تأسيسي ليبي ليتولى وضع الأسس اللازمة لإعادة بناء الدولة في أقرب وقت.
– دعوة كل المهاجرين الليبيين بالخارج والداخل للعودة إلى مدنهم ومناطقهم للمساهمة بفاعلية في بناء الوطن.
– الدعوة لإطلاق سراح كل المساجين ليكون وجودهم بالوطن دعما للمصالحة الوطنية ولم الشمل واستتباب الأمن.

زر الذهاب إلى الأعلى