العدوان على الزاوية وسياسة خلط الأوراق
ناصر سعيد :
هل كان بإمكان الدبيبة أن يقْدم على قصف مواقع في الزاوية دون الحصول على ضوء أخضر من المجتمع الدولي؟ ما الرسالة التي أراد ما يسمى بالمجتمع الدولي أن يبلغها لليبيين عن طريق الدبيبة؟ ولماذا في هذا التوقيت؟
معروف ومعلوم للجميع أنه ما كان لحكومة “جنيف” أن تتخذ قرارا بهذه الخطورة وباستخدام أسلحة تمتلكها القوات التركية التي تحتل قاعدتي معيتيقة والوطية دون “ضوء أخضر أمريكي” وبدون موافقة السفير الأمريكي على أقل تقدير.
تأتي هذه الخطوة التي يهدف الدبيبة منها لإزاحة وتصفية خصومه للبقاء في السلطة في وقت ترتفع فيه وتيرة التصريحات والمطالبات الدولية والإقليمية، والتحركات الأممية التي يقودها المبعوث العام للأمم المتحدة من أجل تهيئة الساحة الليبية لانتخابات تنهي المراحل الانتقالية.
وتأتي هذه الخطوة التي أقدم عليها الدبيبة في وقت تعقد فيه لجنة (6+6) اجتماعاتها في الرباط لوضع قاعدة دستورية من أجل إقامة انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة لتنهي وتطوي مرحلة من الفراغ الدستوري الذي عرفته البلاد منذ ما يزيد على عشر سنوات، ونفذت هذه العملية العسكرية بالتزامن مع انعقاد اجتماعات لجنة (5+5) والدول التي ترعى الترتيبات الأمنية وعملية وقف إطلاق النار تطبيقا لمقررات اجتماع برلين بشأن الأزمة الليبية!
هل قرر ما يسمى المجتمع الدولي من خلال صمته وعدم إدانته العدوان على مدينة الزاوية أن يتراجع عن التزاماته وتعهداته التي قطعها على نفسه من خلال تصريحاته وبياناته السابقة بضرورة المضي في إجراء انتخابات تنهي المراحل المؤقتة خلال هذا العام ودفعه الأطراف الليبية إلى ضرورة التوافق على قاعدة دستورية تسمح لليبيين بانتخاب سلطة تحظى بشرعية شعبية؟
ما حدث في مدينة الزاوية من عدوان سافر ومعلن أسفر عن خسائر بشرية ومادية يهدد أي عملية سياسية ناجعة في ظل تفرد بعض الأفراد بالقوة المسلحة مدعومين بقوة إقليمية ودولية، أية عملية تتم في ظل هذه المناخات يضرب مصداقيتها في مقتل ويرفع عنها أي ادعاءات بنزاهتها وحياديتها، كما أن عدم إدانة العملية من الدول المتدخلة في الشأن الليبي يعتبر موافقة عليها، ويجعلنا نشك في صدق نواياهم التي تؤيد إجراء انتخابات، وتجعلنا نشك في نتائج أي انتخابات قد تُجرى في ظل تطبيق سياسة ازدواجية المعايير.
إن تغليب طرف على آخر في أي عملية سياسية لن يحل الأزمة، بل سيعمقها ويكشف ويفضح نوايا المجتمع الدولي في إدارة الأزمة بما يخدم أطماعه والبحث عن شرعية مزورة لأطراف ترعى مصالحه ضاربا بعرض الحائط مصالح الشعب الليبي.