سيد العبيدي يكتب: اجتماعات “بوزنيقة” فشل أممي جديد في ليبيا
ماجاء أمس في بيان اللجنة المشتركة (6+6) المكلفة من مجلسي النواب والدولة لإعداد قوانين الانتخابات، لايعدو كونه حلقة جديدة من حلقات مسلسل طويل وممل، بدأت أحداثه في ليبيا منذ مايقرب من 13عام، ولا يبدو أن مؤلف هذا المسلسل الدموي يريد كتابة الحلقة الأخيرة قبل أن يجهز على ماتبقى من ليبيا وتحويلها إلى مجرد شبه دولة لاقرار لها ولا سيادة بين الأمم، ما يعني أن الأمم المتحدة لديها إصرار على مواصلة فشلها في ليبيا من خلال تشكيل لجان تلو الأخرى ينتج عنها حكومات انتقالية أيضا فاشلة في إيصال البلاد إلى الانتخابات.
بيان اللجنة لم يذكر شيئا إيجابيا بخصوص التشريعات الخاصة بالعملية الانتخابية وهي من صميم عمل اللجنة وفقا للمادة رقم 30 من الإعلان الدستوري رقم 13، واكتفى فقط بذكر مصطلحات مطاطية مثل “التوافق والإيجابية والمصلحة العامة”؛ لكن في الحقيقة ما يجري الآن في مدينة “بوزنيقة” المغربية، مناقشات لاطائل منها تحت مسمى “مشاورات – مباحثات” تستطيع تطلق عليها الإسم الذي يناسبك، لكنها لا تعني شيئا على طريق تحسين الوضع الحالي في ليبيا.
طالب بيان اللجنة “تشكيل حكومة”جديدة في ليبيا، تحل محل حكومتي الوحدة الوطنية والحكومة الليبية، على أن تتولى مهمة الإعداد للانتخابات من النواحي السياسية واللوجستية، وتأمين الانتخابات بكافة مراحلها، كذلك التنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات وإزالة اي عراقيل قد تواجه عمل المفوضية بداية من فتح باب الترشح مرورا بالتصويت والفرز وصولاً إلى إعلان النتائج النهائية.
ذكرت اللجنة أيضا في بيانها أن البرلمان الليبي المقبل أي “مجلس الأمة” سيتكون من غرفتين “النواب والشيوخ”، كما أشارت إلى تحقيق توافق فيما يتعلق بمواد الخلاف الخاصة بقانون الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخابات التشريعية فيما يخص تقسيم الدوائر ومشاركة الأحزاب السياسية دون ذكر أي شيء عن هذا التوافق. هذا باختصار كل ماجاء في بيان المتحدث باسم اللجنة المشتركة (6+6).
وبالعودة إلى نقاط الخلاف الأساسية تعتبر نسبة الإنجاز التي تتحدث عنها اللجنة منذ بداية عملها (صفر)، لكنها مازالت أمامها فرصة حتى نهاية شهر يونيو المقبل، وسط مخاوف من فشلها في التوافق على حسم نقاط الخلاف في قانون الانتخابات الرئاسية وهي المواد المتعلقة بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية وأنصار النظام الجماهيري السابق، وفيما يبدو أن تلك النقاط ستكون عائقا كبيرا أمام عمل اللجنة وليس من السهل تخطّيها.
وبالعودة أيضا لأسباب الخلاف الحقيقي، يعارض المجلس الأعلى للدولة المحسبوب على جماعة الإخوان ومليشيات المنطقة الغربية ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية وشخصيات النظام الجماهيري، بينما يطالب مجلس النواب بالسماح للجميع بالمشاركة في العملية الانتخابية دون إقصاء على أن تكون كلمة الفصل للصندوق الذي يعكس إرادة الشعب الليبي ويفرز الشخصيات التي ستقود ليبيا في المستقبل. وبالتدقيق فيما ماجاء في بيان اللجنة المشتركة، قد يكون من الصعب التوصل إلى اتفاق حول نقاط الخلاف، ما يؤدي إلى صعوبة إجراء الانتخابات هذا العام، في ظل أحاديث متواترة عن لجوء المبعوث الأممي عبد الله باتيلي إلى تشكيل لجنة أخرى رفيعة المستوى، تحل محل محلسي النواب والدولة”باعتبارهم هم سبب الأزمة الحالية في ليبيا، بحسب تقارير إعلامية.
المتابع للمشهد في ليبيا يعلم الأزمة الحالية لا تحتاج إلى حكومة جديدة ولا إلى لجان مشتركة، بقدر ما تحتاج إلى التخلي عن الأطماع الشخصية، والسماح بمشاركة الجميع ومنح الشعب حرية الإختيار عبر صناديق الاقتراع، هذا باختصار موضوع الأزمة وطريقة حلها، فمن المستحيل أن تحل مشكلة ليبيا من خلال إقصاء طرف على حساب الأخر، أو عن طريق وسطاء دوليين لايريدون من الأساس مصلحة الشعب الليبي، وكما ذكر بيان اللجنة المشتركة “يجب تغليب المصلحة العامة لليبيا على المصالح الضيقة”، فقد تكون هذه هي العبارة الوحيدة الصادقة والحقيقة في بيان اللجنة المشتركة (6+6)، وما دون ذلك مجرد بيانات فارغة من المضمون وبعيدة تماما عن جوهر الحل الحقيقي